تقدم تعني التنازل من جانب الزوج عن النصف الثاني من المهر المسمى ومنحه للزوجة كاملا. والتنازل من جانب الزوجة عن النصف المستحق لها لأنها لا تستحق جميع المهر حتى تتنازل عنه.
٩- هناك من صرف جملة وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إلى الزوج بسبيل حثه على منح كامل المهر لمطلقته. فهو المنفق والدافع للمهر وقد فضله الله درجة فصار عليه أن يؤدي حق هذا التفضيل. ولا يخلو هذا من وجاهة وإن كان هذا لا يتنافى مع احتمال كون الجملة موجهة للزوجين معا بسبيل حثّ كل منهما على التسامح والمفارقة بالحسنى.
١٠- لقد استنبط بعضهم من الآية الأولى جواز عقد النكاح قبل تعيين المهر. فإذا تم الدخول ولم يسم مهر وجب للزوجة مهر أمثالها ولها نصف مهر أمثالها إذا لم يتم الدخول وهذا وجيه سديد.
١١- هناك من قال إن المفوضة بطلاق نفسها إذا طلقت نفسها قبل الدخول لا تستحق الذمة، ولم نطلع على أثر نبوي وراشدي في ذلك. ومع أن المتبادر أن مصدر الطلاق لم يتغير وهو الزوج بتفويضه زوجته بطلاق نفسها وأن حقه في التطليق قائم وأن صفة المطلقة لا ترتفع عن التي تطلق نفسها بموجب التفويض فإن ذلك القول وجيه من حيث إنه ليس من محل للتعزية والترضية في هذه الحال وهما من أهداف المتعة. ومع ذلك نقول إن إطلاق النص القرآني في الآية [٢٤٢] التي تأتي بعد قليل بخاصة يسوغ القول إنها تستحق المتعة والله أعلم.
١٢- في صدد صفة الطلاق قبل الدخول عزا الإمام مالك إلى أبي هريرة وابن عباس رأيا مفاده أنه إذا كان طلاقا مطلقا بدون عدد يعد الطلاق بائنا، عدته حيضة ويجوز للزوج أن يرجع إلى زوجته بعقد ومهر جديدين إذا شاءا أو تراضيا.
وإذا كان طلاقا باتا ثلاثا أو لثالث مرة فتكون بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره «١» . ولم نطلع على أثر نبوي والرأي سديد وجيه فيما هو المتبادر.