الله هذه. أو قال: ربّ قد علمت أنك قادر على ذلك فأرني كيف يكون. ومنها أنه لما انتهى من محاججة الملك الكافر وقع في نفسه أن يسأل الله كيف يحيي الموتى. ومما روي في صدد تنفيذ الأمر أن الله أمره أن يأخذ ديكا وطاووسا وغرابا وحمامة ويقطعها ويخلط لحومها بريشها ودمائها ويجعل على كل جبل جزءا من هذا الخليط ثم يناديها ففعل فأخذت أجزاء كل طير تتجمع حتى تم التجمع ثم دبت فيها الحياة وجاءت إليه ساعية.
وليس شيء مما رواه المفسرون واردا في كتب الصحاح ولكن هذه البينات المروية من صدر الإسلام تفيد أن القصة مما كان متداولا في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعصره. وفي الإصحاح الخامس عشر من سفر التكوين المتداول اليوم قصة فيها شيء من التشابه مع هذه القصة خلاصتها أن الله لما بشر إبراهيم بأن نسله سيكون كثيرا لا يحصى، قال له: وكيف أعرف ذلك وأنا عقيم، وليس لي وريث من صلبي؟ فقال له: خذ عجلة ثنية وعنزة ثنية وكبشا ثنيا ويمامة وشطرها أنصافا ثم اجعل كل شطر قبالة صاحبه وتقف القصة في السفر عند هذا الحد.
ومهما يكن من أمر فيمكن أن يقال إن القصة انطوت على موقف نبي من أنبياء الله المعروفين أبدى رغبة في الاطمئنان العياني لقدرة الله فحقق الله رغبته.
ومن الجائز ونحن نرجح ذلك أن تكون القصة التي وردت في سفر التكوين شيئا مشابها لها كانت مما يتداوله اليهود في أسفار أخرى وأن سامعي القرآن كانوا يعرفونها عن طريقهم.
وفي صدد القصة ذاتها نقول هنا كما قلنا قبل: إن من واجب المسلم أن يقف عند ما اقتضت حكمة التنزيل إيراده بالأسلوب الذي وردت به وأن يؤمن بأن في ذلك حكمة قد تكون أو قد يكون منها التذكير بموقف آخر من مواقف المؤمنين بالله وقدرته السامعين يعرفونه لأحد عظام أنبياء الله الذين كان ملء سمعهم وكانوا ينتسبون إليه ليكون فيه العظة والعبرة لهم ثم لسامعي القرآن وقارئيه عامة، والله تعالى أعلم.