٥- وتمثيل للذين ينفقون أموالهم ابتغاء وجه الله ورضائه وإيقانا ورغبة صادقة في فعل الخير فهم كأرض بستان سمينة جيدة تنبت نباتها حسنا وتؤتي أكلها مضاعفا سواء أكان المطر الذي ينزل عليها وابلا أو طلا.
٦- وتساؤل على سبيل التمثيل عما إذا كان أحد يودّ لنفسه أن تكون له جنة من نخيل وأعناب جيدة النماء والثمر وفيها المياه الكافية فتهب عليها ريح سموم فتحرقها في وقت يكون فيه في آخر عمره غير مستطيع إصلاح ما فسد منها وله ذرية ضعفاء ليس لهم طاقة على هذا الإصلاح كأنما أريد بذلك تشبيه الإنفاق رياء ومع المنّ والأذى كالنار المحرقة التي تعصف بأجره حين يكون في موقفه الحرج أمام الله في ظرف لا يكون إمكان لتلافي الأمر فيه.
٧- وأمر موجه إلى المسلمين بوجوب التصدق من أحسن ما يكون عندهم من مال وغلّة. ونهي عن قصد اختيار الرديء الفاسد الذي لا يقبلون هم أنفسهم أن يأخذوه إلّا بثمن بخس ومع الغضاضة والاستكراه. وتنبيه على أن الله غني عن مثل هذه الصدقات في حين أنه يحمد لمستحق الحمد عمله الطيب. وإشارة تذكيرية إلى أن ما في أيديهم هو مما رزقهم إياه الله فيجب عليهم الإنفاق مما يسر لهم من الكسب ومن ثمرات الأرض الطيبة.
٨- وتنبيه على أن الإمساك أو الإنفاق من الخبيث الرديء دون الطيب إنما يكون استجابة لوسوسة الشيطان الذي يخوف المرء من الفقر حتى يمنعه عن الإنفاق والذي لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء والمعاصي. في حين أن الله إذ يأمر بالإنفاق من طيب المال وبدون أذى ولا رياء ويحثّ عليه إنما يدعوهم إلى ما فيه خيرهم واعدا إياهم بالرحمة والغفران وزيادة الفضل وأنه واسع الفضل عليم بنوايا الناس وأعمالهم.
٩- وتنويه بالذين يفهمون الأمور حق الفهم فذلك هو الحكمة التي يهبها الله لمن يشاء، ومن رزقها فقد رزق الخير الكثير ولا يرزقها وينتفع بها إلا ذوو العقول النيرة والقلوب السليمة.