الفقراء وفضائل ذلك ومستحباته ومكروهاته وآدابه وشروطه. مع التنبيه على أن المتبادر من روح الآيات وفحواها أنها ليست في صدد الزكاة الواجب أداؤها بل هي في صدد الإنفاق بصورة مطلقة بحيث تشمل الواجب والتطوع معا.
ولقد روى المفسرون روايات في مناسبة نزول بعض هذه الآيات فروى الخازن أن الآية [٢٦١] نزلت في مناسبة ما بذله عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) من مال طائل في تجهيز غزوة تبوك. وروى الطبري وغيره أن قوما من الأنصار كانوا يأتون بالخشف من التمر فيجعلونه فيما يعطونه من زكاة أو يعلقون أقناء فيها خشف في حبل بين اسطوانتي مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليأكل منها الفقراء فنزلت الآية [٢٦٧] لتنهى عن ذلك. وروى الطبرسي أن هذه الآية نزلت في جماعة كانوا يتصدقون من ربا دخل عليهم في الجاهلية. وروى الطبري وغيره أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يمنع الصدقات عن المحتاجين من المشركين ليحملهم على الإسلام أو بعض المسلمين كانوا يفعلون ذلك بالنسبة لأقاربهم وأنسبائهم فأنزل الله الآية [٢٧٢] في صدد إجازة إعطاء الصدقات للمحتاجين ولو كانوا غير مسلمين. وروى ابن كثير أن الآية [٢٧١] نزلت في التنويه بأبي بكر وعمر لتسابقهما إلى إعطاء الصدقات وفعل الخير. وروى الطبري وغيره أن الآية [٢٧٣] نزلت في أهل الصفة، وهم جماعة من فقراء المسلمين الغرباء كانوا يبقون في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويعيشون مما يعطيهم إياه المسلمون ويتقدمون للخروج في كل سرية أو غزوة جهادية ويتعففون عن السؤال ولا يستطيعون السعي في سبيل الرزق. وهناك رواية أخرى تذكر أنها نزلت في جماعة من المسلمين حال عداء الكفار الذين هم خارج المسلمين دون سعيهم وخروجهم للكسب. وروى الطبري أن الآية [٢٧٦] عنت أصحاب الخيل المربوطة في سبيل الله لأنهم ينفقون على دوابهم. وروى الطبرسي أن هذه الآية نزلت تنويها بعلي بن أبي طالب لأنه كان ينفق ماله في الليل والنهار والسر والعلن وليس شيء من هذه الروايات واردا في كتب الصحاح باستثناء حديث رواه الترمذي في صدد الآية [٢٦٧] حيث روى عن البراء قال: «كنّا معشر الأنصار أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته وكان