للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله إن ابني به جنون وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيخبث علينا. فمسح رسول الله صدره ودعا فثعّ ثعّة وخرج من صدره مثل الجرو الأسود فسعى» . وحديث عن جابر قال: «خرجنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر فركبنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورسول الله بيننا كأنما على رؤوسنا الطير تظلّنا فعرضت له امرأة معها صبي لها فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا يأخذه الشيطان كلّ يوم ثلاث مرات فتناول الصبي فجعله بينه وبين مقدم الرحل ثم قال: اخسأ يا عدوّ الله أنا رسول الله ثلاثا ثم دفعه إليها» . وذكر البقاعي في نبذته أن هذا الحديث أخرجه الطبراني من وجه آخر وبين أن السفر غزوة ذات الرقاع وأن ذلك كان في حرة واقم ومما جاء في صيغة الطبراني عن جابر: «فلما قضينا سفرنا مررنا بذلك المكان فعرضت لنا المرأة ومعها صبيّها ومعها كبشان تسوقهما فقالت: يا رسول الله اقبل مني هديتي فو الذي بعثك بالحقّ ما عاد إليه بعد. فقال: خذوا منها واحدا وردّوا عليها الآخر» . وقال البقاعي في نبذته: إن هذا الحديث رواه أيضا البغوي في شرح السنة عن يعلي بن مرة (رضي الله عنه) . وذكر القاسمي أن البقاعي ساق بعد ذلك ما جاء في الإنجيل قال وذلك كثير جدا. يعني ما وقع للمسيح (عليه السلام) من إخراج الشياطين والأرواح الخبيثة من المبتلين بذلك «١» . وقال إنما كتبت هذا مع كون ما نقل عن نبينا كافيا لأنه لا يدفع أن يكون فيه إيناس له ومصادقة تزيد في الإيمان. وقد تصدى رشيد رضا لهذه المسألة وأشار إلى الخلاف المذهبي فيها بين أهل السنة والمعتزلة وقال إن الآية لا تثبت ذلك ولا تنفيه. وأنه ثبت عند أطباء العصر أن الصرع من الأمراض العصبية التي تعالج كأمثالها بالعقاقير وغيرها من طرق العلاج الجديدة. وقد تعالج بالإيهام. وإننا نحن المسلمين لسنا في حاجة إلى النزاع فيما


(١) في الأناجيل قصص كثيرة عن حالات الصرع والجنون بسبب مسّ الشياطين والجن ودخولهم في أجسام أصحابها وإخراج المسيح لها وشفائهم من مرضهم. انظر مثلا:
الإصحاحات ٤ و ٩ و ١٢ و ١٧ من متى. و ٣ و ٥ من مرقس. و ٤ و ٦ و ٨ و ٩ و ١١ من لوقا. وفي الإصحاح ٢٢ من سفر الخروج و ٢٠ من سفر الأحبار من أسفار العهد القديم شجب للسحر والعرافات وأصحاب التوابع من الجن.

<<  <  ج: ص:  >  >>