شعيب بن المسيب أنه بلغه أن هذه الآية أحدث القرآن عهدا بالعرش أي آخر ما نزل من القرآن. ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزول الآيتين. والمتبادر أنهما متصلتان بسابقاتهما اتصالا استطراديا. فقد ذكر في الآيات السابقة الدين والبيع فأوحى بالآيتين للتشريع والتسليم في صدد ذلك. والراجح أنهما نزلتا بعد تلك الآيات مباشرة فوضعت بعدها للتناسب الموضوعي والزمني.
ولقد روى ابن كثير عن ابن عباس: أن الآية الأولى نزلت في السلم إلى أجل معلوم (وهو شراء غلة معينة في موسم آت بثمن معجل) وأنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله، وأنه روى حديثا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم جاء فيه:«من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم» غير أن الإطلاق في جملة إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يلهم أنه جاء كذلك ليكون شاملا لكل نوع من الدين.
وروعة التعليم والتشريع في الآيتين ظاهرة قوية لا تحتاج إلى إطناب. وقد روعي فيها تعليم المسلمين توثيق أمورهم التجارية، وتوطيد الحق والعدل فيما بينهم فيها، وعدم تركها فوضى بسبب ما ينتج عنها من مشاكل وخلافات وشحناء.
وبالتالي تلقينهم تنظيم أمورهم الدنيوية على الوجه الذي يكفل لهم الحق والعدل والطمأنينة والثقة وعدم النزاع. وجملة أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها
تلهم أن كتابة المعاملات التجارية الفورية أفضل وأن الاستثناء هو للتيسير والتخفيف.
وفي كتب التفسير أقوال وروايات عن أهل التأويل في مدى أحكام هذه الآيات نوجزها ونعلق عليها كما يلي. وهناك نقاط لم نطلع على قول فيها رأينا كذلك أن نوردها ونذكر ما يتبادر لنا فيها-:
١- لقد روى المفسرون قولين في مدى الأمر بكتابة الدين والاستشهاد عليه.
أحدهما أنه من باب الاستحباب والتشويق، وثانيهما أنه على سبيل الإيجاب.
ويتبادر لنا من روح الآية وفحواها وتوكيدها المتكرر ورفع الحرج عن عدم كتابة