للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يتسق التلقين النبوي مع التلقين القرآني في هذا الأمر الخطير كما هو الشأن في كل أمر على ما سوف يأتي إيراده في مناسباته.

ومما لا ريب فيه أن الصلاة بإيمان وقلب وذكر وخشوع تجعل المصلي لا يفكر إلا في الله وعظمته، فتتحرر نفسه من كل خوف وقلق، ويشعر بالطمأنينة والقوة المعنوية، فتهون لديه كل خطوب الدنيا، ولا يعود يرى كبيرا إلا الله ولا قويّا إلّا الله ولا ضارّا ولا نافعا إلّا الله. ثم تجعله يستحيي من التلبس بالنفاق والكذب إذا ما خالف بين باطنه وظاهره وقوله وعمله، بينما هو يتهيأ من آن لآخر للوقوف بين يدي الله تعالى، فينتهي كما ذكرت آية سورة العنكبوت عن الفحشاء والمنكر، ويتطهر من الهلع والجزع ويتحلى بالصفات الكريمة الفاضلة كما ذكرت آيات سورة المعارج حقا وصدقا.

وعلى هذا فيسوغ القول إن الصلاة التي لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، ولا تجعله يتحلى بفاضل الأخلاق ويعمل صالح الأعمال لا تكون صحيحة. وهذا ما عبرت عنه أحاديث عديدة مروية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم «١» منها: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له» . ومنها: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعدا» ومنها: «لا صلاة لمن لم يطع الصلاة.

وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر» .

هذا، وهناك أحاديث نبوية تسجل عظيم إثم تارك الصلاة حتى لتعتبره مرتدا وكافرا منها حديث رواه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود عن جابر قال: «قال النبي صلّى الله عليه وسلّم إنّ بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» «٢» . وحديث رواه الترمذي عن بريدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» . وحديث رواه الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: «كان أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم


(١) انظر تفسير الآية [٤٥] من سورة العنكبوت في تفسير ابن كثير.
(٢) «التاج» ، ج ١ ص ١٢٤- ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>