أذى ومناوأة له وللمسلمين وهما النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط حيث أمر بقتلهما ثم قفل بالمسلمين راجعا. وفي الطريق اختلفوا على قسمة الغنائم وأنزل الله الشطر الأكبر من سورة الأنفال فأفرز النبي صلى الله عليه وسلم من الغنائم الخمس وقسم الباقي على شاهدي المعركة للراجل سهم وللفارس سهمان وقيل ثلاثة. ونفل نفلا منها لمن كان له بلاء خاص. وكان بعض المؤمنين المخلصين قد تخلفوا لأعذار منهم عثمان بن عفان فقسم لهم من الغنائم وعاد بالأسرى إلى المدينة إلى أن افتداهم أهلهم على ما سوف نشرحه في مناسبة آتية.
وهناك بعض مشاهد أخرى رويت في سياق آيات أخرى تأتي بعد قليل سنلمّ بها في مناسبتها.
ولقد توطدت في هذه المعركة أخوة الجهاد بين المهاجرين والأنصار كما توطدت من قبل أخوة الدين. ولقد كان نصر الله لنبيه والمؤمنين فيها من أقوى دعائم الدعوة الإسلامية وعوامل توطدها. ولذلك فإنها شغلت حيزا خطيرا في السيرة النبوية. ونال الذين شهدوها من المسلمين من التنويه والتكريم ما خلّد لهم الذكر وأحاطهم بهالة من الإجلال والإكبار في تاريخ الإسلام. ومن أروع ما كان من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم المأثور فيهم الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي:
«لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال لهم افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم»«١» .
ومما تذكره الروايات من مشاهد يوم بدر أن المسلمين بنوا للنبي عريشا والتمسوا منه أن يكون فيه ليكون من ورائهم درءا لهم فجلس مستقبلا القبلة يناشد ربّه. وفي هذا المشهد يروي البخاري عن عمر أنه قال: «لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل القبلة ومدّ يديه فجعل يهتف بربّه اللهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض. فما زال يهتف مادّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأخذ أبو بكر الرداء فألقاه على منكبيه ثم التزمه