للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باستشارة أصحابه صراحة في مواقف أخرى أشير إليها في سورة آل عمران التي يأتي تفسيرها بعد هذه السورة. هذا، وهناك حديث يرويه الترمذي في نزول الآية [٦٨] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم تحلّ الغنائم لأحد سود الرؤوس من قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها فلمّا كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل أن تحلّ لهم فأنزل الله الآية» «١» . ويلحظ أن الآية جزء من سياق تام ورد في صدد الأسرى وفدائهم وأن الله قد عاتب أو نبّه رسوله فيه على أخذ الفداء. ولهذا فنحن نتوقف أن تكون الآية نزلت في صدد ما ورد في الحديث من غنائم بدر عامة. وكل ما يمكن أن يكون هو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المؤمنين برحمة الله لهم في إحلاله الغنائم لهم وتلا الآية على سبيل التدليل والله أعلم.

ويورد المفسرون حديثا في هذا السياق عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه تقرير كون الله تعالى قد أحلّ له الغنائم دون غيره من الأنبياء وقد رواه الشيخان والترمذي والنسائي عن أبي هريرة جاء فيه «قال النبي صلى الله عليه وسلم وفضّلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافّة وختم بي النبيّون» «٢» .

ولقد تعددت تأويلات المؤولين في مدى جملة لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ من ذلك أنها بمعنى (لولا أن الله قضى في سابق علمه وحكمته أن تكون الغنائم حلالا لهم) أو بمعنى (لولا أن الله قضى أن لا يؤاخذ المجتهدون عن حسن نية فيما اجتهدوه خلافا لما هو الأولى في علم الله) .

أو بمعنى (لولا أن الله قضى أن لا يؤاخذ الذين هداهم على أمر حتى يبين لهم ما يتقون فيه) أو بمعنى (لولا أن الله قضى أن لا يؤاخذ الناس على عمل ليس عندهم فيه بيان من الله) أو بمعنى (لولا أن الله قضى أن يغفر لأهل ما بدر من المواجه من أخطاء) وكل هذه التأويلات واردة، مع استبعادنا الأخير. والله تعالى أعلم.


(١) التاج، ج ٤ ص ١١١.
(٢) التاج، ج ١ ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>