وفلك. وهناك من حاول استخراج الغيب والأسرار من بعض الآيات والحروف وهناك من زعم أن للقرآن ظاهرا وباطنا وجرى في متاهات وتخيلات عجيبة من المعاني والاستنباطات واللعب بالألفاظ والشطح إلى ما يكاد يكون هذيانا بسبيل إظهار هذا الباطن. ومنهم من فعل هذا بتأثير من النزعة الصوفية المغالية. ومنهم من فعله لتأييد الأهواء المتنوعة وبخاصة الشيعية. وهناك من كذب على الله ورسوله وأصحابه بسبيل ذلك كله مما أوردنا بعض أمثله منه في ما سبق تفسيره من السور.
٨- هناك اختلاف في مدى (الواو) التي سبقت كلمة وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ حيث قال بعضهم إنها عطفت وإن التعبير يفيد أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله أيضا وقدروا العبارة هكذا (والراسخون في العلم الذين يقولون آمنا به كل من عند ربنا يعلمون تأويله) . وحيث قال بعضهم إنها إنشائية وإن الجملة مستقلة عن سابقتها وتفيد أن الراسخين لا يتمحلون في التأويل ويكتفون بإيكال ما اشتبه عليهم فهم كنهه وتأويله إلى الله ويقولون آمنا به كل من عند ربنا ويدعون ربهم بأن لا يزيغ قلوبهم بعد أن هداهم. ومما دلّل عليه الذين يقولون القول الأول إنه لا يصح أن يكون في كتاب الله ما لا يعرف تأويله وما لا يفهمه أحد. والله طلب من الناس أن يتدبروا آيات القرآن وأنزلها وهو يعلم أنهم يفهمون ويعقلون ويعلمون كما جاء ذلك في آيات عديدة وهذا الكلام وجيه بدون ريب. وقد يزيد في وجاهة ذلك أن القول الثاني يؤدي إلى القول إن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا لا يعلم تأويله مما قد يكون غير مستساغ.
ومع ذلك فنحن نرجح كون الواو إنشائية وليست عطفية. وأن كلمة تَأْوِيلِهِ في الآية أريد بها والله أعلم ما في المتشابهات من ماهيات وأسرار استأثر الله تعالى بعلمه وأن في القرآن حقا ما لا يفهمه أحد غير الله سرّه وماهيته وكنهه مثل سرّ الله وسرّ الوجود وسرّ الخلق وسرّ النبوة وسرّ الوحي وسرّ الملائكة والجن وإبليس والشياطين إلخ ... وماهيات ذلك. وحينئذ تكون وجاهة قول