الآيات الثلاث الأولى أن اليهود رفعوا قضية زنا للنبي ليحكم فيها فحكم بالرجم حسب شريعتهم فأنكروا فطلب منهم إحضار التوراة والاحتكام إليها فأبوا. كما رووا في صددها أن اليهود ادعوا أن إبراهيم كان يهوديا وأن ملّته هي اليهودية فكذبهم النبي وطلب منهم الاحتكام للتوراة فأبوا. ورواية ثالثة تذكر أن النبي دعاهم إلى الإيمان به لأنه مكتوب عندهم في التوراة فأنكروا فطلب الاحتكام للتوراة فأبوا. وفي سبب نزول الآيتين الرابعة والخامسة رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وعد المؤمنين بأن يجعل الله لهم ملك الروم وفارس فقال اليهود والمنافقون هيهات أين لمحمد ذلك فنزلت الآيات للردّ عليهم. ومما روي أن هذا الوعد كان يوم حفر الخندق حينما غزت أحزاب قريش والكفار المدينة. فقد استعصت صخرة عظيمة على المؤمنين حين الحفر فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فجاء فضربها ثلاث ضربات حتى كسرها وكان يتطاير البرق في كل ضربة حتى كأنه مصباح في جوف مظلم فسأل سلمان الفارسي عن ذلك فقال له أضاءت لي من الضربة الأولى قصور الحيرة ومن الثانية قصور الروم ومن الثالثة قصور كسرى فأبشروا واستبشروا بنصر الله ووعده، فقال المنافقون ألا تعجبون يميتكم ويعدكم بالباطل ويعدكم بقصور كسرى والروم والحيرة وأنتم تحفرون الخندق من الفرق ولا تستطيعون أن تبرزوا لعدوكم فأنزل الله الآيتين لتكذيب المنافقين وتأييد وعد النبي صلى الله عليه وسلم. ورواية ثالثة أن اليهود قالوا حينما دعاهم النبي إلى الإيمان به «لا نتبع رجلا جاء لينقل النبوّة من بني إسرائيل» .
وعدا رواية تحكيم اليهود للنبي في قضية زنا لم ترد أي من الروايات في الصحاح. ورواية هذا التحكيم رواها البخاري في صدد الآية [٩٣] من هذه السورة «١» . ورواية ما كان أثناء حفر الخندق تبدو مقحمة لأن الآيات في صدد موقف فريد من أهل الكتاب وغزوة الخندق وقعت بعد مدة ما من غزوة أحد التي ذكرت في فصل آخر من هذه السورة. والمتبادر أن الآيات نزلت قبل ذلك بمدة