للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأييدهم إياه وإعلانهم إسلام النفس إلى الله. ورفع الله لعيسى بعد توفّيه وإنذار وتبشير ربانيان للكافرين والمؤمنين الذين يعملون الصالحات.

٢- وتعقيبا على ذلك بكون المعجزة الربانية في ولادة عيسى كالمعجزة الربانية في خلق آدم من تراب وبأن الذي ورد في الآيات من بيان قصة ولادته وظروف رسالته وفحوى دعوته هو الحق الذي لا يجوز المماراة فيه.

٣- وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم فيما إذا جادله المجادلون في هذا الحق بعد أن جاءه علمه من الله عزّ وجلّ بأن يكلفهم ليبتهل هو وإياهم مع من يحبه ويحبونهم من الأبناء والنساء إلى الله بأن يجعل لعنته على الكاذبين من الفريقين المبتهلين. فإن أعرضوا وأبوا فإن الكذب والفساد يكونان قد لزماهم.

والآية [٦٠] يصح أن تكون موجهة إلى السامع إطلاقا. ويصحّ أن تكون موجهة للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي الحالة الثانية تكون من قبل التثبيت وقد تكرر هذا ومرت منه أمثلة عديدة في سور سبق تفسيرها.

٤- وأمرا آخر للنبي صلى الله عليه وسلم بدعوة أهل الكتاب إلى كلمة واحدة واضحة لا مجال للخلاف فيها يقرّ بها هو وإياهم على السواء: بأن لا يعبد كل منهم إلّا الله وحده وأن لا يشرك كل منهم به شيئا وأن لا يتخذ كل منهم أحدا غير الله ربّا له.

فإن أعرضوا بعد هذه الدعوة الصريحة البسيطة فليشهدهم وليشهد الناس أجمع على أنه هو ومن معه مسلمون أنفسهم لله وحده متحققون بهذه العقيدة.

وجمهور المفسرين «١» على أن هذه الآيات قد نزلت بمناسبة المناظرة التي قامت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين وفد نصارى نجران اليمن. ولما كان هذا الجمهور متفقا على أن الآيات السابقة أو بعضها قد نزلت أيضا في هذه المناسبة فتكون هذه الآيات مشهدا ثانيا من مشاهد المناظرة أو في صدد ذلك. ولقد روى ابن هشام «٢» عن ابن إسحق عن محمد بن جعفر خبر وفادة وفد نجران وأورد آيات سورة آل


(١) انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي والطبرسي والخازن وابن كثير إلخ.
(٢) ابن هشام ج ٢ ص ٢٠٤- ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>