للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمون أن النبي على حق وأن دلائل نبوته موجودة في كتبهم وكل هذا بسبيل تضليل المسلمين وتشكيكهم «١» . وروى جمهورهم «٢» أن الآية الرابعة نزلت في حق جماعة من أحبار اليهود تآمروا على الكيد للمسلمين وتشكيكهم في دينهم والتواصي بعدم اطلاعهم على ما عندهم من دلائل بالأسلوب الذي حكته الآيات.

ومما رووه أن أحبار اليهود طلبوا من بعض اليهود اعتناق الإسلام والصلاة مع المسلمين في النهار ثم يعودون إليهم ويقولون إننا سألنا أحبارنا فقالوا إن محمدا كاذب وإن المسلمين ليسوا على شيء فيساورهم الشك ويقولون إنهم علماء أهل الكتاب وهم أعلم منا فيرجعون عن الإسلام. وروى بعضهم «٣» أن هذه الآيات أو بعضها نزلت في صدد تحويل القبلة حيث شق ذلك عليهم وأخذوا يتآمرون على المسلمين.

والصفات والأقوال التي وصفت بها الآيات القائلين ونسبتها إليهم قد وصف اليهود بها ونسبت إليهم بصراحة في سلسلة آيات سورة البقرة مثل الآيات [٤١- ٤٢ و ٧٦- ٧٧ و ٨٩- ٩٠] والتنديد الذي ندد بهم قد ندد بهم بنفس الصيغة في آيات البقرة المذكورة حيث يسوغ القول بشيء من الجزم إن جميع الآيات في حق اليهود وإن مناسبة نزولها هي الرواية التي تذكر تآمر بعض أحبارهم على تشكيك المسلمين. وفحوى الآيات وروحها متسقان مع هذه الرواية دون غيرها من الروايات.

ومن شرح الآيات يبدو ما في الأسلوب الذي عمدوا إليه من كيد شديد.

ولهذا استحقوا التقريع اللاذع الذي وجهته إليهم وفضحت به مؤامراتهم الآثمة.

وتلهم الآيات إلى هذا أن اليهود كانوا مغترين بما لهم من مركز وتأثير في العرب وأنهم لم يكونوا في حقيقة أمرهم يجهلون قوة دعوة النبي وصدقها وصحتها. وأن


(١) انظر تفسير الطبري.
(٢) انظر الطبري والخازن وابن كثير والطبرسي والبغوي.
(٣) انظر تفسير الطبرسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>