والآيات تلهم والروايات تفيد أن هذا كان مشهدا جدليا بين النبي واليهود.
وقد تحدّتهم الآيات بإثبات دعواهم من نصوص التوراة بأسلوب يلهم أنهم عجزوا أو راوغوا، وأن موقف النبي صلى الله عليه وسلم في المشهد كان موقف الملزم المستعلي حيث نسبت الآيات إليهم افتراء الكذب على الله في ما ادعوا ثم عقبت الآية الثالثة وبأسلوب المنتصر في الحجة مقررة صدق الله وداعية إلى اتباع ملة إبراهيم الحقيقية التي عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد ورد في الإصحاح (٣٢) من سفر التكوين أن بني إسرائيل لا يأكلون عرق النسا الذي مع (حقّ الورك) في سياق خيالي مفاده أن الله تعالى وتنزّه تمثل ليعقوب رجلا فتصارع معه فلم يقدر الرجل على يعقوب حتى طلع الفجر فقال له أطلقني فقال يعقوب لا أطلقك حتى تباركني فباركه وقال له لا يكن اسمك يعقوب فيما بعد بل إسرائيل. ولمس الرجل حقّ ورك يعقوب فصار يظلع فصار بنو إسرائيل لا يأكلون عرق النسا لأن الله لمس حق ورك يعقوب على عرق النسا.
وسفر التكوين كان مما يتداوله اليهود على ما شرحناه في تعليقنا على التوراة. في سورة الأعراف. ويمكن أن يكون اليهود استندوا إلى ما جاء في السفر وزعموا أن عرق النسا محرم عليهم في التوراة التي هي غير سفر التكوين فتحداهم بتلاوتها. ومع ذلك فعبارة سفر التكوين ليس فيها تحريم رباني حتى ولا تحريم يعقوب لعرق النسا فيكون احتجاجهم في غير محله أيضا وتكون الحجة القرآنية مستحكمة عليهم على كل حال.
هذا، وهناك حديث في فصل التفسير من كتاب التاج وفي سياق الآيات رواه البخاري وأبو داود عن ابن عمر قال: «جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة