للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبل الله الذي يجب أن يعتصم به المسلمون والذي يعصم من تمسّك به منهم لأن فيه جماع أسباب سعادة الإنسان في دنياه وآخرته.

٣- وفي صدد جملة وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن جابر قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: لا يموتنّ أحدكم إلّا وهو يحسن الظنّ بالله عزّ وجلّ» . وهناك صيغ أخرى أوردها ابن كثير في الحثّ على إحسان الظنّ بالله وكون الله عند ظنّ عبده به»

. وليس في الأحاديث ما يفيد أنها تأويل للجملة القرآنية التي يتبادر لنا أنها أوسع شمولا مما تضمنته الأحاديث حيث توجب على المسلمين أن يظلوا مسلمين أنفسهم إلى الله عزّ وجلّ مخلصين له وحده في كل حال حتى الموت. والله أعلم.

٤- ويروي الطبري عن أهل التأويل أن المقصود من جملة وَلا تَفَرَّقُوا هو نهي المسلمين عن الفرقة والاختلاف فيما بينهم والحثّ على الإلفة والجماعة وهو الوجيه السديد. وقد أورد في سياقها حديثا عن أنس عن رسول الله جاء فيه: «إنّ بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإنّ أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلّهم في النّار إلّا واحدة فقيل يا رسول الله ما هي؟ فقبض يده وقال الجماعة.

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» . وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة هذه الصيغة: «افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرّقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» «٢» . وقد يصح أن يساق في هذا المقام حديث رواه الخمسة عن عبد الله جاء فيه: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله إلّا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيّب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة» . حيث ينطوي فيه بيان عظم جريمة الافتراق عن الجماعة. وهناك أحاديث صحيحة أخرى يصح أن تساق في هذا


(١) منها حديث رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزّ وجلّ أنا عند ظنّ عبدي بي» ، التاج ج ٥ ص ٦٥.
(٢) التاج، ج ١ ص ٣٩ و ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>