(١) ريح فيها صرّ: قيل إنها ريح باردة جدا. وقيل إنها ريح السموم الحارة وقيل إنها الريح المزمجرة. وعلى كل فالقصد هو الريح التي تهبّ على الزرع فتتلفه بشدّة لفحها بردا أو سموما أو عاصفة مزمجرة.
في الآيتين: تقرير ينطوي على التهوين والتقريع والإنذار بأن الكفار لن يجديهم كثرة أموالهم وأولادهم نفعا عند الله. فهم أصحاب النار المقضى عليهم بالخلود فيها، وإن ما ينفقونه في الحياة الدنيا لن يكون عليهم إلّا بلاء وإنه كالريح التي فيها صرّ تتلف الزرع الذي تصيبه. وليس في هذا ظلم من الله سبحانه. وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم فاستحقوه.
ولم يرو المفسرون فيما اطلعنا عليه رواية خاصة في نزول الآيات وإنما قالوا «١» - ومنهم من عزا القول إلى ابن عباس وغيره- إن المقصود من جملة الَّذِينَ كَفَرُوا هم أبو جهل وأبو سفيان اللذان كانا يتفاخران بكثرة أموالهما وقدرتهما على الإنفاق لقهر المسلمين، كما قالوا أيضا إن المقصود هم اليهود الذين كانوا ينفقون الأموال في مناوأة ومعاداة رسول الله ورسالته.
والمتبادر أن الآيتين متصلتان بالسياق السابق أيضا وأنهما تعنيان كفار اليهود بعد استثناء المؤمنين منهم، وتلهمان أنهم كانوا يتفاخرون بكثرة أموالهم كما كانوا يتفاخرون بقدرتهم على القتال. وأن المسلمين كانوا يحسبون لهذه الأموال حسابا لأنها تمكنهم من الإنفاق والاستعداد للحرب والقتال فجاءتا لتهوّنا من شأن هذه الأموال كما هونت الآيات السابقة من شأن قدرتهم على القتال ولتطمئنا المسلمين من هذه الناحية أيضا.