للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ثوبه ثم قال: ربّ هؤلاء أهلي وأهل بيتي» «١» .

ونقف أمام هذه الأحاديث- وبخاصة أمام ما يخرج نساء النبي صلى الله عليه وسلم من مدلول تعبير أهل البيت ومنها والذي يتمسك به الشيعة تمسكا شديدا- موقف الحيرة بل التحفظ والتوقف إزاء دلالة الآيات الصريحة وسياقها. ولا سيما إن الآية التي جاءت بعد الجملة هي استمرار للخطاب الموجه إلى نساء النبي بحيث لا يمكن أن يصرف التعبير في هذا المقام إلى غيرهن. هذا فضلا عن أن تعبير أهل البيت قد ورد في آيات أخرى كناية عن الزوجة. منها آيات سورة هود هذه في سياق قصة إبراهيم: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

(٧٣) وآية سورة النمل هذه:

إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) «٢» ، بل لقد روى الشيخان والترمذي حديثا في سياق الآية [٥٢] من هذه السورة سوف نورده بعد، جاء فيه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يمرّ على حجرات زوجاته فيقول السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله «٣» . ولقد روى ابن كثير عن عكرمة أحد كبار علماء التابعين أنه كان يقول إن هذه الجملة قد نزلت في نساء النبي خاصة ومن شاء باهلته بذلك. ولقد قال ابن كثير معلقا على الجملة إنها نصّ في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت هاهنا لأنهن سبب نزولها وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا، إما وحده على قول عكرمة أو مع غيره على الصحيح. ولقد


(١) انظر تفسير الطبرسي وابن كثير والطبري والبغوي.
(٢) ومثل هذه الآية آيتان في سورة طه وهي [١٠] وفي سورة القصص وهي [٢٩] .
(٣) انظر التاج فصل التفسير ج ٤ ص ١٨٧. وفي هذا الحديث انسجام نبوي مع الخطاب القرآني الذي يصف نساء النبيّ بأنهن أهل البيت ويمكن أن يقال والحالة هذه إذا صحت الأحاديث السابقة فيكون قصد النبي توكيد اللحمة العصبية الدنيوية بينه وبين أولاده وأحفاده ويكون في الحديث توفيق بين موقفي النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>