السدس الذي ينقص من الأم يعود إلى الأب لأنه أولي ذكر في العصبة دون الإخوة.
ونكتفي بما تقدم «١» وفيه سداد للفراغ والاقتضاب والإطلاق الملحوظ في الآيات دون تبسط في التفريعات والاصطلاحات والاستنباطات والتطبيقات لأنه خارج عن منهج التفسير.
هذا، ومما يحسن لفت النظر إليه أن هذه الأحكام قد غيرت وعدلت ما كان جاريا قبل نزولها في أمر الميراث مما كان فيه تموج وجنف. فقد كان حق الآباء والأقربين حائرا أو غير ثابت حتى لقد اقتضت حكمة التنزيل التعجيل بالأمر بوجوب الوصية للوالدين والأقربين في آيات سورة البقرة [١٨٠- ١٨٢] وكان كذلك حق الإناث في مختلف حالاتهن أمهات كنّ أو بنات أو بنات أو زوجات أو أخوات حائرا غير ثابت وعرضة للتهضم والإنكار. فثبتت الآيات حق الوالدين وحق المرأة في جميع حالاتها وحق الأقربين على أساس الأقرب فالأقرب عصبة بقطع النظر عن كونهم ذكورا وإناثا وصغارا وكبارا وضعفاء وأقوياء وليس فيها غبن ولا إجحاف في حق أحد.
ونريد أن نخصّ مسألة نصيب الأنثى في هذا المقام بكلمة لأن الأغيار غمزوا الشريعة الإسلامية بسبب جعلها نصيب الذكر ضعف نصيبها. مع أن الحكمة في ذلك ظاهرة بليغة وفيه كل الحق والإنصاف بل وربما كان فيه الإحسان الذي يفوق العدل. فالأنثى في غالب أحوالها مضمونة النفقة من ابنها أو أبيها أو زوجها بل أو أخيها. وحينما لا تكون كذلك فإنها لا تكون في الغالب مكلفة بغير نفسها. وذلك بعكس الذكر المكلف دائما بالإنفاق عليها وعلى أسرته مما هو مشاهد وممارس في مختلف الأدوار والبيئات دون استثناء. فإذا أضيف إلى هذا أن القرآن قد اهتمّ اهتماما عظيما بتثبيت حقها الذي كان ضائعا أو حائرا وحماها من الظلم والإجحاف ظهر أن في الغمز أو النقد قلبا للحقيقة وغضا لمزايا الشريعة الإسلامية