ويلحظ أن تقليد التبني قد ألغي في آيات سورة الأحزاب وألغيت نتائجه ومنها التوارث على ما شرحناه في سياق تفسير هذه السورة. وتعيين حرمة حلائل الأبناء من الأصلاب فقط في الآية [٢٣] من سورة النساء قد يدل على أن هذا الإلغاء قد تمّ قبل نزول الآية التي نحن في صددها.
ورواية التوارث بين المتآخين من المهاجرين والأنصار ليست وثيقة على ما شرحناه في سياق تفسير آية الأنفال [٧٢] ومع ذلك فآية الأنفال [٧٥] ثم آية الأحزاب [٦] وكلتاهما نزلتا على ما نرجحه قبل الآية التي نحن في صددها قد أكدتا أولوية التوارث بين ذوي الأرحام. وهذا يجعل القول إن الجملة في صدد ذلك في غير محله أيضا فضلا عن أنها لا يصح أن توصف بالوصف الذي جاء في الآية وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ويبقى من الأقوال عقد الولاء أو الحلف وعقد الزوجية. وكل منهما وارد في دلالة الجملة. وقد أوردنا حديثا في ذيل سابق يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ألغى الحلف في الإسلام ولكنه أقرّ ما كان منه قبل ذلك «١» .
ونحن نرجح أن الجملة قد قصدت عقد الزوجية. فقد جعل الله الإرث في آيات المواريث للوالدين والأقربين وهم الأولاد والأخوة وللزوجين. فحيث ذكر الوالدان والأقربون فيتعين أن تعني الجملة عقد الزوجية فيتسق ذلك مع آيات المواريث.
وبناء على هذا فإن الآية فيما يتبادر لنا ونرجو أن يكون صوابا تقرر أن الله تعالى قد جعل لكل ميت ورثة يرثونه وهم والداه وأقاربه وزوجه. وأن لكل من هؤلاء حقا لا يصح لأحد منعه منه وأن من الواجب إعطاءه إياه. فيكون في هذا توطيد لتشريع الإرث من جهة وتدعيم للآية السابقة لهذه الآية التي نهت المسلمين عن أن يتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض والتي قررت في الوقت نفسه أن
(١) إن الطبري أورد في سياق الآيات أحاديث عن أحلاف كانت قبل الإسلام تفيد أن الحلف المقصود هو حلف حربي تعقده عشائر أو قبائل عديدة للتناصر ضد عشائر وقبائل أخرى فيكون في هذا أيضا نفي لمدى الحلف والولاء في الآية والله تعالى أعلم.