(٤) وتقريرا بأن الله لا يظلم أحدا ولا يبخس حق أحد وعمله ولو كان مثقال ذرة واحدة. وإذا كان هذا العمل خيرا ضاعفه وآتاه عليه أجرا عظيما.
(٥) وسؤالا موجها للنبي صلى الله عليه وسلم فيه تنديد وإنذار لهم عما يكون حالهم حينما يجمع الله الناس ويأتي بشهيد من كل أمة عليها ويأتي به شهيدا عليهم.
(٦) وجوابا عما يكون حال الذين كفروا وعصوا الرسول حيث يتولاهم الندم والحسرة ويتمنون لو انشقت الأرض وبلعتهم حتى لا يقفوا أمام الله هذا الموقف العصيب، أو حتى لا يضطروا إلى كتمان حقيقة ما كانوا عليه في الدنيا وإنكار شركهم بسبيل الدفاع عن أنفسهم.
ولم نطلع على مناسبة في نزول الآيات. ويتبادر لنا أنها غير منقطعة عن الآيات السابقة ولو من قبيل الصلة التعقيبية أو الاستطرادية. فالآيات السابقة احتوت بيان الحقوق والواجبات بين الأزواج والرجال والنساء فاقتضت حكمة التنزيل بوحي هذه الآيات تعقيبا أو استطرادا لتنبيه المسلمين على ما يجب عليهم من حسن المعاملة والبرّ نحو جميع الطبقات عامة من آباء وأقارب وأباعد وجيران وأصحاب وغرباء ومساكين وأيتام وأرقاء، وللتشنيع على من يقصر في ذلك ويتعاظم ويختال على الناس اغترارا بماله وجاهه ومركزه ليتم الاتساق بين التلقينات القرآنية الخاصة بالأسرة وبغير الأسرة معا.
وأسلوب الآيات قوي نافذ وبعض ما احتوته من أوامر ونواه ورد في سور مكية ومدنية سبق تفسيرها. غير أنها جاءت هنا مجموعة بحيث يصح وصفها بأنها من جوامع الآيات في بابها. وقد انطوت على تلقينات جليلة فياضة بواجب الإحسان والبر بالناس على اختلاف طبقاتهم وجعلت للطبقات الضعيفة والمحتاجة خاصة نصيبا واضحا في ذلك وبتقبيح إهمال هذا الواجب والتقصير فيه والتكبر على الناس وأذيتهم وحرمان المحتاجين والتحريض على ذلك وإنكار فضل الله ورزقه بسبيل ذلك وبكون القيام بهذا الواجب لا يؤدي على وجهه الصحيح إلّا بالإخلاص فيه والصدور فيه عن إيمان بالله واليوم الآخر وعن رغبة صادقة في أدائه