للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاغتسال إذا ما حدث إنزال في جماع ثم أوجبه في حالة الجماع مطلقا ولو بدون إنزال. وليس هناك ما يمكن الاستناد إليه فيما اطلعنا عليه في ما إذا كان أمر النبي بالاغتسال من الجماع ولو لم يكن إنزال مكيا. وهناك حديث في ذلك رواه مسلم عن عائشة قالت «إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل وعائشة جالسة فقال رسول الله إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» «١» . وهذا الحديث مدني يقينا. وصار الاغتسال من الجماع بدون إنزال على كل حال تشريعا.

على أن قول الشراح إن معنى إنما الماء من الماء هو إيجاب الغسل إذا نزل مني في الجماع محل نظر في ما نرى. ونرى الأوجه والله أعلم أن يؤخذ الكلام على ظاهره فيكون نزول المني في غير حالة الجماع أيضا موجبا للاغتسال. وإذا صحّ هذا فيكون هذا أيضا تشريعا مكيا تبعا لأصل الحديث الذي يذكر أن الفتيا بأن الماء من الماء كان في بدء الإسلام.

وننبه على أن هناك أحاديث صريحة باعتبار نزول الماء في الاحتلام حالة جنابة وبإيجاب الاغتسال من ذلك حديث رواه البخاري ومسلم جاء فيه «إنّ أم سليم جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحقّ. فهل على المرأة غسل إذا احتلمت قال نعم إذا رأت الماء» «٢» وحديث رواه أبو داود والترمذي عن عائشة قالت «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما قال يغتسل وعن الرجل أنه حلم ولا يجد ماء قال لا غسل عليه. فقالت أم سليم المرأة ترى ذلك أعليها غسل قال نعم. إنما النساء شقائق الرجال» «٣» والأحاديث مدنية الصدور. ولكنها لا تفيد أن التشريع النبوي جديد لأمر لم يكن ويجوز أن يكون استمرارا للجاري منذ بدء الإسلام الذي أساسه «إنما الماء من الماء» . ولم نطلع على حديث نبوي في صدد الإنزال في اليقظة نتيجة للتهيج الجنسي. ويقاس


(١) التاج ج ١ ص ٩٦ و ٩٧.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه ص ٩٦ و ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>