وحكمة الوضوء والاغتسال لا تحتاج إلى شرح طويل. ففي غسل الأطراف المكشوفة أكثر من مرة كل يوم نظافة مستمرة ذات فوائد عظمى صحية ومظهرية.
والمباشرة الجنسية وما بسبيلها تثير هياجا يذهل المرء بعض اللحظات عن كل شيء والاغتسال يهدىء هياج الجسم ويعيد إلى النفس سكونها. وهو وسيلة إلى تطهير الجسم جميعه وتنظيفه من آن لآخر مما فيه كذلك فوائد صحية ومظهرية عظمى.
ولعل جعلهما واجبا دينيا ينطوي فيه إلزام المسلمين به دون أي إهمال وتقصير. بل هذا ما تلهمه جملة ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ في الآية [٦] من سورة المائدة التي أمر فيها بالوضوء. ويضاف إلى هذا ما في الوضوء والاغتسال من مظهر الاحتفال بالصلاة والوقوف بين يدي الله عز وجل في حالة تامة من النظافة والطهارة متوافقة مع ما تنطوي عليه الصلاة من مظهر إيمان المسلم بربّه وإسلام نفسه إليه.
ثامنا: وقد يوهم نظم الآية أن جملة فَلَمْ تَجِدُوا ماءً شاملة لجمله وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى غير أن الجمهور متفقون على أن المرض يجيز للمريض التيمم في حالتي الحدثين الأصغر والأكبر مع وجود الماء. وهذا وجيه سديد مستفاد من حكمة التشريع الذي تضمنته الآية. وفي بعض الأحاديث التي سوف نوردها بعد قليل صراحة بذلك.
تاسعا: ليس هناك أثر نبوي وصحابي وثيق بل ولا غير وثيق يفيد أن التيمم كان في العهد المكي حيث يمكن القول إنه تشريع قرآني مدني اقتضته ظروف المسلمين المستجدة.
والمتبادر أن الحكمة من هذه العملية هي تعظيم شأن الصلاة ومواضع الصلاة وأوقات الصلاة فواجب الصلاة على المسلم مكرر في اليوم الواحد خمس مرات.
وهي ركن من أركان الإسلام يجب أداؤه في أوقاته. فإذا تعذر الماء الذي يتطهر به المسلم ويستعد للوقوف أمام ربّه متعبّدا خاشعا فبالمسح يظهر نيته للتطهر