للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صادق فيما ألقاه وطمعا في المغانم التي ينالونها منه.

(٢) وتنبيها تأديبيا وتذكيريا لهم: فعند الله مغانم كثيرة دنيوية وأخروية للمخلصين فلا ينبغي أن يكون عرض الحياة الدنيا باعثا فيهم الطمع ومذهلا لهم عن الحق وصارفا إياهم عن التثبت. وعليهم أن يذكروا أنهم كانوا غير مسلمين فمنّ الله عليهم بفضله وهداهم وأن من الممكن أن يمنّ على غيرهم ويهديهم أيضا.

(٣) وتوكيدا ثانيا بوجوب التثبت وتنبيها فيه معنى الإنذار بأن الله خبير بما يعملون وبنواياهم التي يضمرونها وراء أعمالهم.

ولقد أوّل بعض المؤولين «١» جملة: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بمعنى أنكم كنتم أيضا تخفون إسلامكم في مكة فمنّ الله عليكم بالنصر والعزة ولا يخلو هذا من وجاهة وإن كنا نرى التأويل أوّلنا به الجملة والذي روي عن مؤولين آخرين «٢» هو الأوجه والله أعلم.

وقد روى المفسرون «٣» في سبب نزول الآية روايات متعددة ومختلفة الأشخاص والوقائع متحدة الموضوع ملخصها أن بعض المسلمين خرجوا في سرية جهادية فلقوا شخصا معه غنم أو عنده مال فحياهم بالسلام أو بادرهم بكلمة التوحيد فلم يصدقوه وظنوا أن ذلك منه تقية وخداع فقتلوه واستولوا على غنمه أو ماله. وبعض الروايات تذكر أنه كان بين القتيل والقاتل إحنة في الجاهلية. وقد كان الحادث باعثا لغضب النبي صلى الله عليه وسلم ولاتهامه إياهم بالطمع في ماله حتى قال لهم على سبيل التثريب «هلّا شققتم عن قلبه» حينما اعتذروا له فلم تلبث أن نزلت الآية فأمر النبي بأداء ديّة القتيل وردّ ماله أو غنمه إلى أهله واعتبر القتل من نوع الخطأ وأمر القاتل بعتق رقبة. ومن جملة الروايات المروية الرواية التي أوردناها عن أبي الدرداء في سياق الآيات السابقة. ومن جملة أسماء قواد السرية الذين ذكروا في الروايات أسامة بن زيد والمقداد بن الأسود ومحلم بن جثامة وهذا هو الذي روى


(١) انظر الطبري والطبرسي والبغوي والخازن وابن كثير.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>