نزلت في ابن أبيرق بشير أو طعمة الذي نزلت فيه الآيات السابقة والذي ارتدّ ولحق بالمشركين لتؤذن أنه لن يكون له مغفرة من الله. وثانيتهما تذكر أنها نزلت في شيخ أعرابي جاء إلى رسول الله يقول إني منهمك في ذنوب كثيرة ولكن لم أشرك بالله شيئا منذ عرفة وإني تائب فما حالي فنزلت بالبشرى له.
والروايتان لم تردا في الصحاح. وتقتضيان أن تكون الآية الأولى نزلت منفردة في حين أنها مع الآيات التالية لها وحدة تامة مستقلة، وبتك آذان الأنعام وتغيير خلق الله بالكي والخصي والوشم من عادات الجاهلية بحيث يرد على البال أن حديثا جرى في صدد ذلك أو حادثا وقع من ذلك أو سؤالا ورد على ذلك في الظرف الذي سبق نزول الآيات فأوحى الله بالآيات لتعلن أن كلّ ذلك من وساوس الشيطان الذي يوحي بها إلى المشركين. ولتشنّع على الشرك وتنذر المشركين وتنوه بالمؤمنين الذين يعملون الصالحات بالمقابلة وتبشرهم بالجنة. وقد وضعت في مكانها لأنها نزلت بعدها. وقد يكون ذكر ارتداد ابن أبيرق أو جاء الأعرابي ليسأل عن حاله فتليت الآية الأولى فالتبس على الرواة الذين رووا الروايتين.
والله أعلم.
ولقد ورد في سياق سابق صيغة قريبة لصيغة الآية الأولى وهي الآية [٤٨] حيث يبدو أن حكمة التنزيل اقتضت التكرار لتكرار المناسبة مما جرى عليه التنزيل القرآني. على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة. ولقد جاءت الآية [٤٨] في سلسلة في حق اليهود لتلبسهم بموقف شرك شديد البشاعة. وجاءت هنا في حقّ مشركي العرب. ولقد علّقنا على الآية [٤٨] وأوردنا طائفة من الأحاديث في صدد غفران الله لغير المشركين وأوردنا تعليقا لبعض المفسرين على ذلك فلم يعد محلّ للإعادة والزيادة في صدد مدى الآية.
ولقد أوردنا معاني كلمة إِناثاً التي رواها المفسرون في مكان شرح كلمات الآيات وقلنا إن الكلمة قد تتحمل كل هذه المعاني فنكتفي بهذا التنبيه. وقد يكون استعمال الكلمة في مقامها قد قصدت زيادة التشنيع والإفحام من حيث إنه