للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم له دمه علينا وعلى أبنائنا «١» والآية [١٥٩] تنفي قتل اليهود لعيسى وصلبه ولكنها تلهم أنهم أقدموا على الجريمة ونفذوها في شبيهه. ولسنا نرى تناقضا لأن الحاكم الروماني فعل ما فعله بطلبهم وتحريضهم فكأنهم هم الذين فعلوه. ومع ذلك فنحن نعتقد أن اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ممتدا إلى ما قبله كانوا يقولون إنهم صلبوه وقتلوه وإن القرآن حكى قولهم هذا. وإذا كان القرآن نفى صلب اليهود لعيسى وقتله فإنهم يظلون مدموغين بالجريمة لأنم حاولوا ذلك ونفذوه ولو في شبيه له فضلا عن ما دمغهم به القرآن بما كانوا يرمون مريم به من بهتان عظيم الذي كان يعني الزنا.

ولقد قال بعض المفسرين «٢» في صدد ما جاء في الآية [١٦٠] من تحريم بعض الطيبات على اليهود إنها المذكورة في آية سورة الأنعام هذه وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦) والقول في محله. وبعض الآية يؤيده لأنها تقرر أن التحريم كان عقوبة لهم على ظلمهم. وهو ما ذكرته الآية [١٦٠] . وقد علقنا على هذه المسألة في سياق تفسير سورة الأنعام فلا نرى حاجة إلى التكرار «٣» .

وروح الآيتين [١٦٠- ١٦١] تلهم أن ما جاء فيهما من أخذ اليهود الربا الذي نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وصدهم كثيرا عن سبيل الله عائد إلى اليهود الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي المدينة. ولقد حكت آيات عديدة مرت في سورتي البقرة وآل عمران وفي هذه السورة شدة صدهم عن سبيل الله. وحكت آية آل عمران [٧٥] قولهم بأنهم ليس عليهم في الأميين سبيل. وكان هذا يجعلهم


(١) انظر الإصحاح السابع والعشرين من إنجيل متى والإصحاح الخامس عشر من إنجيل مرقص والإصحاح الثالث والعشرين من إنجيل لوقا والإصحاح التاسع عشر من إنجيل يوحنا.
(٢) انظر تفسير ابن كثير والخازن مثلا.
(٣) انظر الإصحاح ٧ من سفر الأحبار أو اللاويين والإصحاح ١٤ من سفر التثنية ففيهما المحرمات المذكورة في آية سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>