سبق تفسيرها وعرفنا بهم بما يغني عن التكرار. وجملة وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ في الآية [١٦٤] قد ورد ما يماثلها في الآية [٧٨] من سورة غافر. وقد أوردنا ما هنالك من أحاديث وأقوال في صدد عدد الأنبياء والرسل وعلقنا على ذلك في سياق هذه الآية بما يغني عن التكرار كذلك.
ولقد وقف المفسرون عند جملة وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً من الآية [١٦٤] فقال الطبرسي إن الله كلّم موسى بلا واسطة. ولم يعز قوله إلى أحد.
وروى الطبري عن نوح ابن مريم أن الله كلّم موسى مشافهة. وعن جزء بن جابر أنه قال سمعت كعبا يقول إن الله كلم موسى بالألسنة كلها فجعل يقول يا رب لا أفهم فكلّمه بلسانه فقال له يا رب هكذا كلامك قال لا ولو سمعت كلامي على وجهه لم تك شيئا فهو كأشد ما يسمع الناس من الصواعق» . وقال الزمخشري إن معنى الجملة «جرّح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن» والزمخشري معتزلي ومذهبه عدم إثبات صفة كلام لله خارجة عن ذاته تعالى. والكلام المباشر هو خارج عن ذات الله في مذهب الاعتزال. ولقد فنّد ابن كثير وغيره كلام الزمخشري وأورد آية الأعراف وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [١٤٣] كدليل قرآني على كلام الله المباشر لموسى عليه السلام.
وتعليقا على ذلك نقول:
أولا: إن كعب هو من مسلمة اليهود الذين تروى عنهم ما يسمى بالإسرائيليات التي فيها كثير من المبالغات والأكاذيب فيجب التحفظ في ما نقل عنه.
وثانيا: إن تفنيد ابن كثير وغيره لتأويل الزمخشري للجملة في مجمله فهو تأويل تعسفي بعيد عن مدى الآية ومقامها.
وثالثا: إن الدليل الذي ساقه ابن كثير على كون كلام الله لموسى مباشرة قوي وهو منطو في آيات أخرى مثل آيات طه [١١- ٢٤] والنمل [٨- ١٢] والقصص [٢٩- ٣٥] .