الترمذي وعقب عليه قائلا تفرد به مسلم بن خالد الزنجي ورواه عنه غير واحد.
وقد تكلم فيه بعض الأئمة رحمة الله عليهم. ولقد أورده كذلك الطبرسي ثم روى عن أبي عبد الله أحد الأئمة أنه قال في معنى الآية «إن تتولّوا يا معشر العرب يستبدل قوما غيركم يعني الموالي وقد والله أبدل بهم خيرا منهم الموالي» .
ونحن نتوقف في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. فأهل فارس ليسوا الوحيدين الذين دخلوا الإسلام من الأمم الأعجمية وليسوا الوحيدين الذين صار لهم سلطان في ظل الإسلام على أنقاض السلطان العربي. وهناك من كان أكثر وأقوى وأدوم وأوسع سلطانا وهم الترك. والقول المروي عن الإمام أبي عبد الله يرويه مفسر شيعي. ونحن نخشى أن يكون ذلك متأثرا بما كان من التعاون بين الهاشميين ثم العلويين وأهل فارس في سياق المنافسة على السلطان في القرون الثلاثة الأولى للهجرة. ويلحظ أن بعض علماء التابعين قالوا إن المقصودين هم أهل اليمن الذين لم يكونوا أسلموا بعد حين نزول الآيات والذين كانوا من أقوى الأركان التي قامت عليها الدول العربية الإسلامية الأولى حيث قد يفيد هذا أن الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عند هؤلاء العلماء.
ومن الجدير بالذكر أن الموضوع الجوهري المتصل بأهل فارس الذي جاء في هذا الحديث قد ورد في حديث آخر رواه البخاري ومسلم في سياق تفسير جملة وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ من سورة الجمعة على ما أوردناه وعلقنا عليه في سياق تفسير هذه السورة في الجزء السابق. وبصرف النظر عما علقنا به على هذا الحديث في سياق تفسير سورة الجمعة فإن الفرق مهم في مناسبة الروايتين فضلا عن أن الحديث الوارد في مناسبة آية سورة الجمعة أقوى اعتبارا في مراتب الحديث. حيث نرى في هذا دعما وتصويبا لموقفنا في الحديث المروي في مناسبة آية سورة محمد التي نحن في صددها. والله تعالى أعلم.