الناس. وعلى كل حال فالذي يتبادر لنا أن الآيات الثلاث فصل تشريعي يتمم بعضه بعضا.
ونلمح صلة ما بين هذه الآيات وبين موضوع السلسلة السابقة عند إنعام النظر. فالدخول إلى بيوت الناس بدون إذن مما يفسح المجال للقيل والقال وإشاعة أخبار السوء، وهذا مما حذرت منه الآيات السابقة. ومن المحتمل أن تكون نزلت بعد تلك السلسلة فوضعت في ترتيبها للتناسب الموضوعي والظرفي، أما إذا لم تكن نزلت بعدها مباشرة فيكون ترتيبها للتناسب الموضوعي الملموح.
ويظهر من فحوى الآيات وروحها أن الناس كانوا يدخلون بيوت بعضهم بدون استعلام واستئذان. وهذا مستفاد أيضا من آية سورة الأحزاب [٥٣] التي جاء فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ...
ومن الأحاديث والروايات العديدة التي أوردها المفسرون. منها ما أورده الطبري وأوردناه قبل عن عدي بن ثابت كسبب لنزول الآية الأولى، ومنها حديث أورده الخازن جاء فيه «قال كند بن حنبل دخلت على النبيّ ولم أسلّم ولم أستأذن، فقال لي: ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟» . فاحتوت الآيات كما هو ظاهر تأديبا رفيعا في هذا الشأن توخى فيه تنظيم السلوك الشخصي بين المسلمين تنظيما يجنبهم دواعي الريبة وأخبار السوء وما يكون فيه للغير من أذى وتثقيل.
والخطاب في الآية عام للمسلمين. وليس فيه قرينة تخصص أنه خطاب للرجال دون النساء. وحكمه يتناولهم في كل ظرف ومكان بطبيعة الحال. والروعة فيما احتوته أنه آداب من طبيعتها الخلود والاتساق مع الخلق الفاضل والذوق السليم في كل وقت ومكان.
والمتبادر أن الاستئناس والاستئذان والسلام هو بسبيل تنبيه أهل البيت حتى يتهيأوا لقبول الزائر إذا لم يكن عندهم مانع ويأذنوا له. وأن فحوى الآيات وروحها