حيث يمكن القول إن الأمر في الآية هو في صدد عدم الإكثار في الخروج والتبرّج لضرورة وغير ضرورة. ويصح أن يكون في هذا للمسلمات أسوة وتلقين ولا يتعارض مع ما قررناه آنفا.
ونستطرد إلى ما يقال ويثار حول اشتراك المرأة في الانتخابات والمجالس النيابية وما يدخل في بابها فنقول إن هذا مما يتسق مع ما ذكرناه من أهليتها وحقوقها السياسية والاجتماعية واستقلال شخصيتها وشركتها مع الرجل في الإنسانية وواجباتها وأمانتها التي قررها لها القرآن. وهي نصف المجتمع وكل ما يتقرر في هذه المجالس يتناولها كما يتناول الرجل على السواء. فمن حقها أن يكون لها فيه رأي مثله. والقول إن هذا يشغلها عن طبيعتها الجنسية والاجتماعية قول فارغ لا يقف أمام الوقائع والحقائق. فالانتخابات تقع عادة في فترات متباعدة وتشغل من أوقات الناس أياما قليلة والمرشحون للمجالس أفراد قليلون فليس في كل هذا ما يصرف جمهور النساء بل ولا جمهور الرجال عن أعمالهم المعتادة.
ويحتج البعض بأن المرأة في الصدر الإسلامي لم تشترك في شؤون الدولة والحياة الاجتماعية بمقياس واسع. ومردّ هذا إلى طبيعة الحياة السياسية والاجتماعية في ذلك الزمن وليس من شأنه أن يعطل الأحكام والتلقينات والمباحات القرآنية كما هو ظاهر. وحكمة الله التي شاءت أن تمنح المرأة ما منحتها من أهلية وحقوق وشخصية لا يمكن أن تكون فعلت ذلك عبثا وليبقى معطلا. ومع ذلك ففي ثنايا التاريخ الإسلامي أحداث ومشاهد كثيرة علمية وسياسية واجتماعية كان للمرأة فيها بروز حسب ما كان ممكنا ومتسقا مع العصر.
ويحتج بعضهم بآية سورة النساء الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ [٣٤] وقد علقنا على هذه الآية بما يزيل الوهم الذي يتبادر منها ويجعل الاحتجاج في غير محله. ويحتج البعض بجهل المرأة وغفلتها. وهذا كذلك كلام فارغ فالسواد الأعظم من الرجال في البلاد الإسلامية جاهلون غافلون. ولم يقل أحد إنهم يجب أن يحرموا من حقوقهم السياسية والاجتماعية بسبب ذلك، وهو إلى هذا في سبيل