يعودون إلى المظاهرة مرة أخرى) وتكون جملة وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ في صدد عفو الله عن الذين صدر منهم المظاهرة قبل نزول الآيات لو لم ترد الروايات التي روى جوهرها أصحاب السنن بالأسلوب الذي وردت به. والله أعلم.
والمستفاد من أقوال المفسرين أنه لا يترتب كفارة على من لا يريد أن يعود إلى معاشرة زوجته جنسيا. وقد يكون هذا متسقا مع فحوى الآية. غير أن المتبادر أن الزوج في مثل هذه الحالة يظل موضع سخط الله المنطوي في الآيات لأنه قال منكرا من القول وزورا ولم يرجع عنه ليستحق عفو الله وغفرانه.
ولقد قال الزمخشري إن المظاهر إذا امتنع عن الكفارة فلا مرأته أن تراجع القاضي وعلى القاضي أن يجبره على الكفارة وأن يحبسه حتى يكفر. لأن في امتناعه ضررا بحق زوجته. ولا يخلو هذا من وجاهة. لأن فيه حماية للمرأة التي استهدفها القرآن والسنة في مختلف المناسبات على ما مرّ التنبيه عليه. لولا أن تكون مسألة حبس المظاهر حتى يكفر تتحمل التوقف. فقد لا يكون في استطاعته التكفير وقد يظل مصرا على عدم التكفير ولا يعقل أن يظل محبوسا إلى آخر العمر.
ولم نر أحدا من المفسرين فيما اطلعنا عليه فرض حالة إصرار الزوج المظاهر على الامتناع عن الكفارة. ولم نطلع في ذلك على أثر نبوي أو راشدي. ولما كان من أهداف الظهار في الجاهلية تعليق الزوجة حتى لا تكون زوجة ولا مطلقة كالإيلاء على ما شرحناه في سياق آيات سورة البقرة [٢٢٦- ٢٢٧] وآية سورة الأحزاب [٤] فالذي يتبادر لنا أن هذه الحالة تقاس على حالة الإيلاء. وآيات الإيلاء في البقرة جعلت لهذه الحالة مدة أربعة أشهر فإما أن يراجع الزوج زوجته وإما أن تعد طالقة منه طلقة بائنة على ما شرحناه أيضا في سياق شرحها. فيصح والحالة هذه أن يقال إن على المظاهر إما أن يكفر ويعود إلى معاشرة زوجته وإما أن تطلق منه طلقة بائنة. ولما لم يكن للكفارة مدة فإن للحاكم أن يعين مدة لها فإذا لم يكفر المظاهر خلالها ويعود إلى زوجته طلق الزوجة منه طلقة بائنة حماية لها من بقائها معلقة لا زوجة ولا مطلقة. وقد يصح أن تجعل المدة القصوى للإيلاء