للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثلة لذلك على ما شرحناه في سياق آية البقرة التي فيها قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ... [١٤٤] والله تعالى أعلم.

ولقد روى المفسرون حديثا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لما نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ... قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى دينارا.

قلت لا يطيقونه. قال فنصف دينار. قلت لا يطيقونه قال: فكم، قلت حبة أو شعرة. قال إنك لزهيد» «١» وقد يكون في هذا الحديث الذي رواه الترمذي أيضا دعم لما تبادر لنا من حكمة التكليف. والله أعلم.

وإتماما للحديث نذكر أن في كتب الحديث الصحيحة أي كتب صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وجامع الترمذي أحاديث عديدة تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة لا تحلّ له ولا لآله. ومصداقه ذلك في القرآن الكريم أيضا حيث لم يجعل لرسول الله نصيب في الصدقات كما جاء في آية سورة التوبة هذه:

إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ [٦٠] بينما جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيب خمس الغنائم كما جاء في آية سورة الأنفال هذه: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [٤١] .

وجعل له نصيب في الفيء أيضا وهو ما عاد على المسلمين من الأعداء بدون حرب كما جاء في آية سورة الحشر هذه: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [٧] فتكون الصدقة التي أمر الله المسلمين بتقديمها بين يدي نجواه قد أريد بها مورد لبيت المال لإنفاقه على مصالح المسلمين وفقرائهم كما ذكرنا، والله أعلم.


(١) انظر ابن كثير والبغوي وهذا الحديث ورد في التاج بدون حبة. انظر ج ٤ ص ٢٢٩ والشعرة وزن من أوزان الذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>