على اختلاف أجناسهم وألوانهم وفئاتهم ليكونوا تحت راية أخوة متساوين في الحقوق والواجبات على اختلاف مفاهيمها. وليقوم في ظله عالم واحد ونظام واحد ودين واحد ولغة واحدة وبكلمة واحدة مجتمع إنساني واحد. يتولى الأمر فيه الصالحون خلقا ودينا والأكفاء الحريصون على المصلحة العامة. لا طاعة فيه لسلطان بمعصية وضرر ولا سند لحاكم فيه إلا كتاب الله وسنة رسوله ومصلحة العباد والبلاد المتسقة معهما. ولا مكان فيه لظالم جبار وطاغية مسيطر. والشورى فيه صفة أساسية لأهله وواجب ملزم لحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أي الأمر بكل ما فيه خير وصلاح ونفع والنهي عن كل ما فيه شرّ وفساد وضرر وبغي وظلم- والدعوة إلى الخير والسلام والتوادّ والتراحم والتواصي بالصبر والحق والمرحمة من واجبات كل فئة منه حاكمة أو محكومة. وصفة أساسية وخصائص ذاتية لأهله، نتيجة لإسلامهم، لا يسمح فيه باستقطاب الثروة في جانب والفقر في جانب، وللدولة حقّ التوجيه. ويؤخذ فيه من الغني للفقير بالإضافة إلى ما أوجب على الدولة من مساعدة الفقير العاجز. ويمنع فيه القوي من ظلم الضعيف. ويساعد فيه القادر العاجز. ويتواصون جميعا بالصبر والمرحمة والتعاطف والتعاون. ويستمتعون جميعا بكل طيب حلال من طيبات الحلال وزينتها بدون تفريط وإفراط ولا إسراف ولا تقتير، وتمنع فيه الفوضى والعدوان والمنكرات والموبقات والخلاعة والمسكرات والإثم والبغي والظلم. في ظل سلام شامل يعرف الناس عبره أنهم إنما وجدوا ليتعارفوا ويتفاهموا ويتعايشوا ويتعاونوا على البرّ والتقوى دون الإثم والعدوان أكرمهم عند الله أتقاهم، ويتسابقوا في الخيرات. وفي ظل شرائع وتعاليم وخطوط ومبادئ قابلة للانطباق في كل زمان ومكان. ومستجيبة لمختلف مطالب البشر المادية والروحية. ومخاطبة للعقل والقلب معا. وموفقة في ذلك كله بين سعادة الدنيا والآخرة بأسلوب لا تعقيد فيه ولا التواء ولا أصار ولا أغلال ولا تكاليف شاقة محرجة ونافذة إلى أعماق
النفس.
مع الأمر بالدعوة إلى سبل الله أي إلى هذا الدين بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتي هي أحسن وعدم الإكراه والإجبار في الدين. وسعة الصدر لمن أراد