أنها متصلة بمطلع السورة. وفيها عود على بدء في الحث على الجهاد. وهذا يؤيد ما قلناه إن الآيات التي جاءت بعد ذلك المطلع قد جاءت على سبيل التعقيب والاستطراد والتدعيم ويسوّغ ترجيح نزول هذه الآيات وما قبلها معا.
وأسلوب الحثّ والترغيب الذي جاءت عليه قوي. وقد احتوت بشارتين للمؤمنين الذين وجّه إليهم الخطاب: أولاهما أخروية وهي رضاء الله تعالى ومغفرته وجناته. وقد قدمت بالذكر لأنها خير وأبقى. وثانيتهما دنيوية مما يحبونه وهي النصر في الجهاد الذي يدعون إليه والفتح السهل القريب الذي سوف ييسّره الله لهم.
وننبه إلى أن سورة الفتح التي تأتي بعد هذه السورة في ترتيب النزول قد احتوت تنويها بفتح الله المبين الذي تمثل في صلح الحديبية. واحتوت كذلك إشارة إلى فتح قريب ومغانم كثيرة يسرها الله للمسلمين. وهذا ما كان نتيجة لوقعة خيبر التي وقعت بعد صلح الحديبية مباشرة تقريبا. وهكذا تكون البشارة الدنيوية التي احتوتها الآيات لم تلبث أن تحققت فكان ذلك في معجزات القرآن الباهرة.
وقد يكون هذا التوافق بين السورتين دليلا أو قرينة على صحة ترتيب نزول هذه السورة بين يدي نزول سورة الفتح.
ولقد كان ما احتوته هذه الآيات من بشارة دنيوية وما احتوته آيات أخرى من إشارة إلى الغنائم التي تدخل في يد المسلمين نتيجة للحركات الجهادية التي يقومون بها وسيلة لغمز الأغيار وقولهم إن القرآن كان يثير في نفوس المسلمين مطامع الغنائم والفتح ليحملهم على القتال حتى لقد قال بعضهم إن بعض الوقائع الحربية مثل وقعة خيبر لم تكن إلّا وسيلة إلى ملء أيدي المسلمين بالمغانم ومكافأة لهم على الإسلام.
وننبه أولا: على أن حثّ المسلمين على القتال لم يقتصر في أي موضع قرآني على الإغراء بنتائجه الدنيوية، بل كان الترغيب في ذلك يأتي على الهامش كما يظهر من هذه الآيات وآيات كثيرة أخرى منها ما مرّ ومنها ما سوف يأتي. بل