أنفسهم على سبيل توكيد التبشير والتطمين. وهما على كل حال جزء من السياق واستمرار له. وقد استهدفتا ما استهدفته الآيات السابقة.
وعبارة الآيتين اللغوية واضحة. غير أن الأقوال في مدلول محتواها تعددت «١» . ونلخصها بما يلي:
فأولا: قيل عن المغانم الكثيرة التي ذكرت الفقرة الأولى أن الله وعد المؤمنين بها إنها مغانم خيبر، كما قيل إنها مغانم الفتوحات التي سوف ييسرها الله للمسلمين في مختلف الظروف والأماكن. ويتبادر لنا أن القول الثاني هو أوجه وأن الفقرة هي بسبيل التبشير والتطمين بوجه عام. أما القول الأول فالذي نرجحه أنه من وحي ما تمّ بعد قليل من سفرة الحديبية من زحف على خيبر واكتساحها وما يسره الله للمسلمين من غنائمها.
وثانيا: قيل إن المقصود من جملة فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ هو ما تمّ من صلح الحديبية كما قيل إنه مغانم خيبر. والمتبادر أن القول الأول هو الأوجه. لأن في الجملة تقريرا لواقع وإشارة إليه. ولم يكن واقعا حين نزولها إلّا صلح الحديبية.
ولعل في الجملة قرينة على ذلك حيث نبّه المسلمون فيها إلى أن الله عجّل بحسم هذه المسألة لييسر لهم إتمام وعده.
وثالثا: قيل إن جملة وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ قد عنت ما كان من منع الله الحرب بين المسلمين وقريش بصورة عامة أو إنها عنت خيالة قريش الذين حاولوا بقيادة خالد بن الوليد مباغتة معسكر النبي والمسلمين فعلم النبي بخبرهم وأرسل من ردّهم وأسر بعضهم ثم عفا عنهم على ما ذكرناه في خلاصة وقائع الحديبية.
كما قيل إنها عنت ما كان من تجمع أسد وغطفان للإغارة على المدينة أثناء غياب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين عنها وإحباط الله كيدهم بإلقاء الرعب في قلوبهم. ويتبادر لنا أن القول الأول والثاني هو الأوجه لأن الجملة تذكّر المسلمين في أثناء عودتهم إلى المدينة بما كان جرى في الحديبية وظروفها.
(١) انظر تفسيرها في الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.