والنصارى الذين يعادون المسلمين ويسخرون من دينهم. ووجوب حصر الولاء فيما بين المسلمين. وتنديدا بعقيدة النصارى بالمسيح وأمّه وتقريرا ببطلانها لذاتها وعلى لسان السيد المسيح. ومشهدا من مشاهد إيمان بعض النصارى الذين منهم قسيسون ورهبان بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وثناء محببا عليهم. وتقرير كون النصارى هم أقرب الناس مودة للمسلمين. وفصلا عن رسالة المسيح لبني إسرائيل والمعجزات التي جاء بها ومواقفهم تجاهها. وإيمان الحواريين به واستنزال مائدة من السماء بناء على طلبهم. وقد سميت السورة باسمها بسبب ذلك.
وقد تخلل هذه الفصول وتلك أمثال ومواعظ استطرادية وتذكيرية وتدعيمية وتعقيبية أيضا.
ولقد أورد ابن كثير حديثا أخرجه الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت «إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه المائدة كلها وكادت من ثقلها تدقّ عضد الناقة» وحديثا أخرجه ابن مردويه عن أم عمرو عن عمها «أنه كان في مسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت عليه سورة المائدة فاندقّ عنق الراحلة من ثقلها» وحديثا أخرجه الإمام أحمد أيضا عن عبد الله بن عمرو قال: «أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها» وأورد حديثا أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمرو أيضا قال «آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح»«١» وحديثا أخرجه الحاكم عن جبير بن نفير قال «حججت فدخلت على عائشة فقالت لي يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت نعم فقالت أما أنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه وما وجدتم من حرام فحرّموه» . ولم ينفرد ابن كثير في إيراد هذه الأحاديث حيث أوردها مفسرون آخرون أقدم منه، مثل الطبري والبغوي والزمخشري، منهم من أوردها جميعها ومنهم من أورد بعضها. ومنهم من زاد عليها حيث روى الطبري عن عكرمة أن
(١) أورد ابن كثير حديثا عن ابن عباس أن آخر سورة نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فالمتبادر أن المقصود من الفتح في حديث الترمذي هو هذه السورة.