للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيدنا العقد بقيد المشروع لأن كل شرط أو قيد في أي تعاقد بين المسلمين أو بينهم وبين غيرهم مخالف لأوامر الله تعالى ونواهيه في القرآن وسنة رسوله باطل. وهذا أمر لا يحتمل شكّا في ذاته. وقد رويت أحاديث نبوية تؤيده جاء في أحدها «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا والمسلمون على شروطهم» «١» وجاء في حديث آخر عن عائشة «أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. وإن كان مائة شرط. قضاء الله أحقّ. وشرط الله أوثق. وإنما الولاء لمن أعتق» «٢» .

وثانيا: روى الطبري عن قتادة أن جملة أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ هي لتحليل أكل لحوم الأنعام إطلاقا عدا ما ذكر في القرآن من حالاتها المحرمة. وهذه الحالات هي ما ذكرته الجملة التي بعدها غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أو ما ذكرته الآية الثالثة من السورة على اختلاف الأقوال. وروى كذلك عن ابن عمر وابن عباس أنها لتحليل أكل الأجنة التي توجد ميتة في بطون ما يذبح من الأنعام. وروى أيضا عن الربيع بن أنس ما يفيد أن عبارة بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ تشمل بالإضافة إلى الإبل والبقر والغنم بقر الوحش والظباء وأشباهها المماثلة للأنعام وأن الجملة تعني حلّ أكل هذه البهائم. وقد عقب على هذه الأقوال قائلا إن أولاها بالصواب هو أنها في صدد تحليل الأنعام الأليفة أي الإبل والبقر والغنم كلها أجنتها وسخالها وكيارها عدا ما ذكر في القرآن من حالاتها المحرمة. وأنكر أن تكون بقر الوحش والظباء التي تصطاد صيدا من جملتها.


(١) انظر تفسير الآية في المنار. والحديث الأول من مرويات أبي داود والدارقطني والترمذي والثاني من مرويات أصحاب المساند الصحيحة الخمسة. انظر التاج ج ٢ ص ١٨٥ وورود جملة (الولاء لمن أعتق) في الحديث الثاني بسبب مناسبة الحديث. ولكن تلقين الحديث عام شامل كما هو واضح.
(٢) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>