للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الكافرين. وعن أبي مجلز والضحاك وعكرمة وغيرهم أن المقصود بها أهل الكتاب أو الكفار أو المشركون. وعن الشعبي أن الجملة الأولى في المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى. وعن الحسن أنها وإن كانت في اليهود والنصارى فهي واجبة علينا. وعن ابن عباس أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا فهو كافر وإن كان غير جاحد فهو ظالم وفاسق.

وحديث البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس من الصحاح والأقوال الأخرى اجتهادية.

وقد قال الطبري إن أولاها بالصواب قول من قال إنها نزلت في أهل الكتاب لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات نزلت فيهم وهم المعنيون بها.

ومع ما في تصويب الطبري من وجاهة مستمدة من سياق الآيات فإن نظم الجمل يجعلها عامة الشمول لكل من لم يحكم بما أنزل الله. ويدخل في ذلك المسلمون أيضا كما هو المتبادر. ولقد روى الطبري عن ابن عباس وغيره أن الكفر والظلم والفسق في الجمل الثلاث هي كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق وأنها ليست بمعنى خروج عن الملّة حيث يفيد هذا أن المؤولين في الصدر الأول اعتبروا الجمل مطلقة وخرجوها بهذا التخريج. وهو تخريج وجيه دون ريب.

ومهما يكن من أمر فإنه يتبادر لنا أولا أن الجملة جاءت في مقام تعظيم جريمة إهمال الحكم بما أنزل الله. وأعظم بذلك جريمة. وثانيا أن خروج من لم يحكم بما أنزل الله من الملّة منوط بأن يكون جاحدا لما أنزل الله مستحلا لمخالفته فإن لم يكن ذلك فيكون قد اقترف كبيرة دون أن يخرج من الملّة. وهذا متسق مع ما قاله ابن عباس وأوردناه قبل. وقد يصحّ أن يضاف إلى ذلك أن هذا أيضا يكون إذا كان الإهمال مقصورا ولم يكن للمهمل الذي يظهر إسلامه ولم يجحد ما أنزل الله تأويل أو تخريج لذلك الإهمال. والله تعالى أعلم.

وثالثا: في صدد جملة فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ. فقد روى الطبري عن عبد الله بن عمرو وجابر بن زيد من طرق عديدة أنها بمعنى أن عفو

<<  <  ج: ص:  >  >>