للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أيّد القرآن ذلك حيث يفيد ما ورد فيه عن الملائكة أنهم ذوو صلة بالله وأنهم يقومون بخدم متنوعة له من تبليغ الأنبياء والرسل أوامر الله ومن تولي أمر الجنة والنار واستقبال المؤمنين والكافرين حسب ما يستحق كل منهم فيهما، ومن إنزال العذاب الرباني بمستحقيه في الدنيا ومن تأييد الأنبياء والمؤمنين، ومن إحصاء أعمال الناس، ومن حمل عرش الله والتسبيح بحمده، ومن استعدادهم للقيام بكل مهمة يأمرهم بها الله دون أن يعصوا له أمرا، وليس في القرآن شيء عن ماهيتهم. وكل ما فيه في صفتهم أنهم أو أن منهم ذوي أجنحة مثنى وثلاث ورباع على ما جاء في آيات سورة فاطر التي أوردناها قبل. وهناك حديث رواه مسلم والإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها جاء فيه: «قال النبي صلّى الله عليه وسلّم خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم في قوله تعالى:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) [المؤمنون/ ١٢] » «١» . وقد يتبادر من الحديث أن الملائكة ليسوا من مادة جامدة. ومع ذلك ففي القرآن ما يفيد أنهم يتراءون للأنبياء وغيرهم بأشكال مادية كما ترى في آيات سورة هود هذه: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) ، وفيه ما يفيد أنهم يمكن إذا شاء الله أن يتشكلوا على شكل الرجال وينزلوا راكبين الخيل المسومة لتأييد المؤمنين كما ترى في هذه الآيات:

١- وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩) الأنعام [٨- ٩] .

٢- بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ [آل عمران/ ١٢٥] «٢» .


(١) التاج الجامع ج ٥، ص ٢٦٩. [.....]
(٢) في القرآن آيات عديدة أخرى يمكن أن تورد في هذا الصدد فاكتفينا بما أوردناه للتمثيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>