تعظيم الخالق لا الحلف بالمخلوقات كقول المرء إن فعلت كذا فعليّ صيام شهر أو الحج إلى بيت الله أو الحل عليّ حرام لا أفعل كذا. أو إن فعلت كذا فكل ما أملكه حرام. أو الطلاق يلزمني لأفعلن كذا أو لا أفعله. أو إن فعلته فنسائي طوالق وعبيدي أحرار وكل ما أملكه صدقة. فهذه الأيمان للعلماء فيها ثلاثة أقوال:
(١) إذا حنث لزمه ما علقه وحلف به.
(٢) لا يلزمه شيء إذا حنث.
(٣) يلزمه كفارة يمين فقط إذا حنث، ومن العلماء من جعل النذر كاليمين وأوجب في عدم الوفاء به كفارة.
وأظهر الأقوال وهو القول الموافق للأقوال الثابتة عن الصحابة وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار أنه يجزئه كفارة يمين في جميع هذه الأيمان كما قال الله ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وقَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [التحريم: ٢] .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه» . فإذا قال الحل عليّ حرام لا أفعل كذا، أو الطلاق يلزمني لا أفعل كذا أو إن فعلت كذا فعليّ الحج أو مالي صدقة أجزأه في ذلك كفارة يمين فإن كفّر كفّارة الظهار فهو أحسن.
هذا، ولقد تعددت تأويلات المؤولين القدماء في معنى جملة وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ حيث أوّلها بعضهم بمعنى (لا تنقضوها) أو (كفروا عنها) وأوّلها بعضهم بمعنى (لا تكثروا من الأيمان وتروّوا فيها) . وكلا القولين محتمل وإن كنا نرجح القول الثاني والله أعلم.
ولما كانت هذه الآية هي الوحيدة التي فيها تحلّة اليمين فإن فيها دليلا على أن سورة التحريم قد نزلت بعدها لأن فيها جملة قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ حيث يكون في هذا دليل آخر أو قرينة أخرى على أن بعض فصول هذه السورة نزلت قبل فصول سورة متقدمة عليها. ويقال هذا بالنسبة لفصول اليهود التي يدل فحواها على أنها نزلت قبل وقعتي الأحزاب وبني قريظة على كل حال. وهذا وذاك