ولقد شرحنا مدى جملة وَأَنْتُمْ حُرُمٌ في سياق تفسير الآية الأولى من السورة. فلا نرى ضرورة للإعادة والزيادة.
ولقد أورد المفسرون بعض الأحاديث النبوية والأقوال المعزوة إلى بعض أصحاب رسول الله وتابعيهم في مدى ما ينطوي في الآيات من أحكام نوجزها ونعلق عليها فيما يلي «١» :
١- هناك من قال إن الكفارة إنما تجب على الذين يقتلون الصيد عمدا وهم ناسون أنهم في حالة الإحرام. فإذا لم يكونوا ناسين فلا يحكم عليهم بكفارة لأن ذنبهم أعظم من أن يكفر ويكونون موضع انتقام الله. وينحلّ إحرامهم ويبطل حجهم. وصرف القائلون جملة عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ إلى ما قبل نزول الآيات.
وهناك من قال إن الكفارة تصحّ لمن يقتل الصيد لأول مرة عمدا في حالة الإحرام ولو كان ذاكرا أنه في هذه الحالة. فمن كرر العمل فيغدو ذنبه أعظم من أن تكفره كفارة فلا يحكم عليه ويكون موضع انتقام الله. واتفقوا مع القول الأول بصرف العفو عما سلف إلى ما قبل نزول الآيات وقالوا إن الكفارة لا تسقط ما أنذر الله به من العذاب في الآية الأولى لأنه خالفها. ونبهوا على أن على المحكّمين أن يسألا الذي يحكّمهما إن كان قتل صيدا عمدا قبل ذلك فإن قال نعم ردّاه ولم يحكما وإن قال لا حكما. وقد صوّب الطبري القول الثاني. وهو تصويب في محله إلّا في أمر عدم سقوط ذنب الذي يقتل الصيد لأول مرة بالكفارة. فالكفارة ليست تعويضا لصاحب حقّ وإنما هي بمثابة توبة لله. والله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات كما جاء في آية سورة الشورى [٢٥] وهناك ذنوب أعظم تسقط بالتوبة فضلا عن الكفارة على ما مرّ شرحه في سياق الآيات [٣٣- ٣٤] من هذه السورة وفي سياق بحث التوبة في سياق سورة الفرقان.
٢- هناك من قال إن (أو) هي للتخيير. فالحكمان العدلان يحكمان بما يعادل الصيد طعاما أو صياما أو هديا. والصائد يختار إحدى هذه الثلاث للتكفير.
(١) انظر الطبري والبغوي وابن كثير والخازن. والطبري كعادته أكثرهم استيعابا وإسهابا.