ذلك كمثل يأس الكفار الأموات من رحمة الله ورضائه في الآخرة أو يأس الكفار الأحياء من أي احتمال لبعث الأموات.
ولم يرو المفسرون «١» رواية في نزول الآية. وإنما قالوا والله إن المقصود من (قوم) هم اليهود وإنه كان أناس من فقراء المسلمين يتصلون باليهود ويخبرونهم بأخبار المسلمين فيصيبون من ثمارهم فنهاهم الله.
ويلحظ أن السورة قد نزلت قبيل الفتح المكي على ما سبق ذكره. وقد كان يهود المدينة قد أجلوا قبل ذلك بنحو سنتين عنها. كما أن خيبر وغيرها من القرى كانت دخلت في حيازة النبي والمسلمين وحكمهم فلم يبق يهود يصحّ أن يتخذهم المسلمون أولياء. ولقد بدأت السورة بنهي المسلمين عن اتخاذ الكفار المشركين أولياء والمساررة إليهم بالمودة. ويتبادر لنا أن حكمة التنزيل شاءت أن تختم بالنهي نفسه حتى يجتمع طرفاها في أمر واحد. فإذا صح هذا يكون في الآية مشهد من مشاهد التأليف القرآني. ويكون القوم هم الكفار المشركون أنفسهم وهو ما نرجو أن يكون صحيحا. وليس من الضروري أن يكون وصف القوم بأنهم الذين غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مصروفا إلى اليهود ولو أن القرآن كثيرا ما وصفهم به. وهذا الاعتبار هو على الأغلب الذي أوحى بذلك. فالوصف يصح على كلّ كافر بطبيعة الحال. والله تعالى أعلم.