أو سؤال ورد، ثم وضعت في السياق للتناسب. والله أعلم.
ونرى في الآية قرينة أخرى على صحة ما ذكرناه قبل من أن الآية السابقة لها ليست في صدد قتل وقتال كل مشرك إطلاقا إلى أن يكفّ عن الشرك ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. وعلى ما قررناه في مناسبات عديدة قريبة وسابقة من عدم إكراه أي مشرك غير عدو وغير محارب على الإسلام. ونرى فيها تلقينا مستمر المدى للمسلمين وأولياء أمورهم في كلّ وقت بوجوب منح الفرص لغيرهم ولو كانوا أعداء محاربين ليسمعوا منهم كلام الله ويستوعبوا منهم مبادئ وأهداف الإسلام وبوجوب قبول التجاء غيرهم إليهم وحمايتهم إذا ما كان قصدهم التعرّف على تلك المبادئ والأهداف. وضمان عودتهم إلى بلادهم آمنين.
ولقد أورد المفسر القاسمي في سياق الآية حديثا رواه البخاري والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أمّن رجلا على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرا» وحديثا آخر رواه الإمام أحمد والشيخان عن أنس قال «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة» .
وفي الحديثين تلقين متساوق مع التلقين القرآني كما هو واضح من تشديد ضدّ من ينحرف عن هذا التلقين. ولقد روى القاسمي عن الحاكم تنبيها وجيها في هذا الصدد. وهو أن الإجارة والتأمين منوطان بالتيقن من حسن القصد. وإن جملة حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ مما يدعم ذلك. وهذا يعني عدم الإجابة لطلب الجوار إذا غلب الظن بكبر الطالب وخداعه وسوء نيته. والله أعلم.
ولقد روى الطبري وغيره عن الضحاك والسدي أن الآية منسوخة بجملة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ في الآية السابقة لها. وعن ابن زيد أنها محكمة غير منسوخة. وليس هناك أثر نبوي. وورود الآية بعد الآية التي تأمر بقتل المشركين إلى أن يتوبوا قد يكون قرينة قوية على وجاهة القول الثاني حيث يمكن أن تكون الآية قد جاءت للاستدراك. والإجابة على تساؤل ما من بعض الكفار.
وروحها يدعم ذلك أيضا. لأن القتال والقتل لم يكن غاية وإنما هو مقابلة للعدوان