للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي منطقة الحرم بل هناك قول رواه الزمخشري أيضا عن مالك أن المنع شامل لكلّ مساجد المسلمين.

ولما كان نصّ الآية قطعيا بأنها في صدد المسجد الحرام فإن تشميل المنع لكل مسجد أو لغير المسجد الحرام هو غلوّ لا مبرر له. ولما كان على القادم إلى مكة أن يحرم من حدود الحرم المعروفة خارج مكة فالمتبادر أن المنع هو لمنطقة الحرم ويكون قول عطاء هو الأوجه وهو ما عليه الجمهور. وليس في هذا نقض للحديث المروي عن جابر في حالة صحته. فإن روح الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر المسجد الحرام تلهم أن المقصد من التعبير منطقة المسجد الحرام «١» وآية العنكبوت هذه أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [٦٧] . وآية القصص هذه وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا [٥٧] بنوع خاص تلهمان ذلك بكل قوة.

٣- وبالنسبة للمسألة الثالثة فإن الحديث الذي رواه جابر وأورده ابن كثير يفيد أن المنع للمشركين دون الذميين «٢» . وقد روى الطبري عن جابر مع ذلك قولين متناقضين أحدهما يجعل المنع شاملا للذميين. وثانيهما لا يشمله. وروي عن قتادة أن المنع للمشركين وأن الذميين وعبيد المسلمين مستثنون منه. وروي أن عمر بن عبد العزيز أمر بمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام بهذه الآية. ويظهر أنه لم يثبت عنده حديث جابر من جهة واجتهد بأن قول اليهود عزير ابن الله وقول النصارى المسيح ابن الله هو شرك بوجه ما. ومنع اليهود والنصارى بالإضافة إلى المشركين من دخول المسجد الحرام هو الذي عليه التعامل المتواتر منذ صدر الإسلام إلى اليوم. ولقد قال البغوي وتابعه الخازن إن علماء الإسلام يقسمون بلاد الإسلام بالنسبة للكفار إلى ثلاثة أقسام:


(١) اقرأ آيات سورة الفتح [٢٥] وسورة الحج [٧٥] وسورة الأنفال [٣٤] مثلا. فالصدّ في هذه الآيات كان عن منطقة الحرم وعن الحج ويدخل في ذلك الكعبة وفناؤها.
(٢) والمقصود بكلمة الذميين في الأعمّ الأغلب أهل العهد من الكتابيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>