للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وبيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم. ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية. ومن شاء سار مع الروم.

ومن شاء رجع إلى أهله. فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم. وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. وكتب وحضر سنة خمس عشرة» «١» . وكلمات (ما كان للمسلمين من خطط- أي أحياء وحارات. وأسواق المسلمين ومنازلهم) قرائن لا تدحض على افتعال الكتاب لأنه لم يكن للمسلمين قبل الفتح خطط وأسواق ومنازل. وما كان يمكن أن يفرض ذلك سلفا لأن حركة الفتح لم تكن انتهت ولم تكن احتمالات الانتكاس والانتقاض مستحيلة. ولم يكن يعرف ما هو تصرف المسلمين بعد نهاية الفتح واستقراره. والغالب أن النصارى أظهروا في دور من أدوار الحكم الإسلامي مخامرة أو أقدموا على مغامرة كان لها وقع شديد وعميق في نفوس المسلمين وحكامهم فتشدد المسلمون معهم في المقابلة وألزموهم بما ذكره الكتاب ولعل بعضهم افتعله بسبيل ذلك. ولقد روت مصادر التاريخ الإسلامية والمسيحية القديمة «٢» أن الموارنة أو المردة والجراجمة ومن على مذهب الروم من النصارى «٣» ناصروا الروم حينما جاءت جيوش الفتح ثم استجابوا لتحريكاتهم في أثناء المنازعات التي نشبت بين الأمويين والهاشميين في القرون الهجرية الثلاثة الأولى اغتناما لفرصة انشغال المسلمين بأنفسهم ثم ناصروا الصليبيين في حركتهم


(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ١٠٥.
(٢) انظر كتاب تاريخ الموازنة المفصل للمطران الدبس ص ٣٤ وما بعدها و ١٨٦ وما بعدها وفتوح البلدان للبلاذري ص ١٦٦ وما بعدها.
(٣) كان نصارى بلاد الشام ومصر والعراق على مذهبين مذهب الطبيعة الواحدة للمسيح التي مداها أنه ليس إلها كاملا ولا إنسانا كاملا وأنه مزيج من الناسوتية واللاهوتية. ومذهب الطبيعة الثانية التي مؤداها أن المسيح إله كامل وإنسان كامل. وكان المذهب الأول مذهب غالبية أهل هذه البلاد والثاني مذهب الروم أصحاب السلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>