السلسلة في صددهم. أما ذكر الكافرين معهم فالمتبادر أنه من قبيل التعميم. ولقد ذكرت الآية [٦٧] من السورة التي مرّت قبل قليل مصير الفريقين معا فيكون في ذكرهما معا في هذه الآية توكيد الآخر، ولقد ورد نصّ هذه الآية في سورة التحريم التي سبق تفسيرها. ويظهر أن مناسبة السياق والكلام اقتضت إيحاءها ثانية هنا.
ولقد روى الطبري في سياق الآية روايتين متعارضتين واحدة عن ابن مسعود جاء فيها أن في الآية أمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بمجاهدة المنافقين بنحو ما يجاهد به المشركين والكفار، وأخرى عن ابن عباس والضحاك والحسن تفيد التفريق في المعاملة فتكون مجاهدة الكفار بالقتال والسيف والمنافقين بالإغلاظ لهم بالكلام والحدود.
وقال الطبري إن أولى الأقوال بالصواب هو ما قاله ابن مسعود، فإن قاله قائل فكيف تركهم رسول الله مقيمين بين أظهر أصحابه مع علمه بهم قيل إن الله تعالى إنما أمر بقتال من أظهر كلمة الكفر منهم ثم أقام على إظهاره. وأما من إذا اطلع عليه منهم أن تكلم بكلمة الكفر وأخذ بها فأنكرها ورجع عنها وقال إني مسلم فإن حكم الله في كلّ من أظهر الإسلام بلسانه أن يحقن بذلك دمه وماله وإن كان معتقدا غير ذلك.
ولقد جاء نصّ هذه الآية في سورة التحريم وهي الآية [٩] وقد علقنا عليها بما يغني عن تعليق جديد آخر. والمتبادر أن حكمة التنزيل اقتضت تكرارها لتجدد المناسبة. ولقد علقنا على موقف النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين في سياق تفسير بعض آيات سور البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأحزاب والمنافقون بما يغني عن تعليق جديد آخر أيضا.. وإن كان من شيء نزيده على ما قلنا سابقا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل إلى آخر حياته لا يعتبر المنافقين أعداء محاربين ولم يقاتلهم ولم يأمر بقتلهم حيث يلهم هذا أنه اعتبر الآيات الواردة بذلك من قبيل الإذن وليس من قبيل الإلزام. وأن ما كان من موقفه منهم هو ما رأى فيه الخير والمصلحة للإسلام والمسلمين.
ومهما يكن من أمر فهذه الآية كمثيلاتها وعلى ضوء موقف النبي صلى الله عليه وسلم تنطوي