بسبيل الإشارة إلى فريقين من الأعراب. فريق جاء معتذرا طالبا الإذن له بالتخلّف عن غزوة تبوك وكانت أعذاره كاذبة وغير وجيهة. وفريق قعد وتخلّف بدون اعتذار واستئذان. ويحتمل أن تكون بسبيل الإشارة إلى فريق واحد فقط من الأعراب جاء معتذرا طالبا الإذن بالتخلّف وقعد عن الجهاد في سبيل الله وكان في اعتذاره وقعوده كاذبا فيما عاهد الله ورسوله عليه من الصدق في الإسلام والجهاد في سبيل الله. أما فقرة سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فهناك من جعلها عائدة إلى الفريق أو الفريقين واعتبر اعتذارهم الكاذب وقعودهم كفرا. وهناك من جعلها عائدة إلى الذين يصرّون على الكفر من الفريق أو الفريقين.
وقد رووا ثلاث روايات في صدد المعتذرين، منها أنهم جماعة من بني غفار. ومنها أنهم جماعة من أسد وغطفان. ومنها أنهم رهط عامر بن الطفيل. ولم يذكر الذين قالوا إن الآية تحتوي إشارة إلى فريقين أي اسم للفريق الذي قعد بدون اعتذار واستئذان. وإنما قالوا إنهم منافقو الأعراب.
وقد تلهم روح الآية وفحواها أن القول بأنها تحتوي إشارة إلى فريقين وأن الفقرة المذكورة عائدة إلى الذين يصرّون على الكفر منهم هو الأوجه والله أعلم.
وعلى كلّ ففي الآية صورة لموقف بعض الأعراب المنضوين إلى الإسلام إزاء غزوة تبوك وكان موقفا فيه نفاق وكذب ونكث عهد فاستحقّ أصحابه ما احتوته الآيات التالية من تنديد وتوبيخ شديدين.
والآية صريحة الدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استنفر الذين أعلنوا له إسلامهم من قبائل البدو أيضا إلى غزوة تبوك. وذكر الآية اعتذار فريق وقعود فريق منهم لا يفيد بالطبع أن جميع من استنفروا تخلّفوا. والروايات تروي أن كثيرا من البدو أجابوا واشتركوا في الحملة. والعدد العظيم المروي البالغ ثلاثين ألفا يؤيد ذلك فيما هو المتبادر.