فقراء ومرضى ذوي عاهات فالتبس الأمر على الرواة وحسبوا أنهما نزلتا في شأنهم خصيصا.
ومعظم الروايات التي يرويها المفسرون عن أهل التأويل «١» تصرف ما جاء في الآيات [٩٣- ٩٦] إلى المنافقين المتخلّفين في المدينة الذين يروون أن عددهم كان بضعة وثمانين. وبعضها يصرفها إلى المتخلفين بأعذار كاذبة أو بغير أعذار من أهل المدينة والأعراب عامة. ويأتي بعد هذه الآيات آيات فيها عودة إلى ذكر الأعراب حيث يلهم هذا أن الفصل جميعه من الآية [٩٠] إلى الآية [٩٩] في صدد المعتذرين والقاعدين من الأعراب خاصة وأن الآيات [٩٣- ٩٦] هي بالتبعية في صددهم أيضا.
على أن الإطلاق في هذه الآيات يجعل اعتبارها شاملة لجميع المتخلفين بأعذار كاذبة أو بدون أعذار سائغا أيضا. وعلى كل حال فالآيات [٩١- ٩٦] مع الآية السابقة لها ليست منفصلة عن السياق والكلام على المتخلفين والقاعدين.
وتعبير إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ وتعبير إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ صريحا الدلالة على أن هذه الآيات نزلت أثناء سفرة تبوك. وهذه الصراحة منطوية في الآية [٨٣] من الآيات السابقة حيث تتلاحق الدلالة على أن السلسلة جميعها قد نزلت في أثناء السفر دفعة واحدة أو متلاحقة.
والآية الثالثة احتوت مشهدا رائعا من مشاهد إخلاص الفئة المخلصة وشدة رغبتها في الجهاد في سبيل الله. وإذا لوحظ بعد شقة الغزوة وضعف الأمل في الغنيمة ورجحان الخطر وشدة الحرّ تضاعفت روعة المشهد. ولقد روى الطبري وغيره روايات عديدة في أصحاب هذا المشهد منها أنهم نفر من بني مقرن من مزينة. ومنها أنهم سبعة من قبائل شتى. ومنها أنهم خليط من أعراب وأنصار. وقد أورد المفسرون سبعة أسماء ورووا أنها أسماؤهم. وقد عرفوا في روايات السيرة
(١) انظر كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي ... إلخ.