للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية الأولى من روائع آيات القرآن في الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وتقرير ما اتصف به من كريم الصفات وعظيم الأخلاق وكبر القلب الذي امتلأ برّا وخيرا وحلما وإشفاقا ورأفة ورحمة وحرصا بالعرب والمؤمنين. ولعلّها من هذه الناحية أروع ما في القرآن وأدلّ ما فيه على عظمة خلق النبيّ صلى الله عليه وسلم وكمال صفاته وكبر قلبه وعمق إخلاصه وشدة رغبته في هداية العرب وخيرهم وإنقاذهم. ولما كانت هذه الآية على الأرجح من آخر ما نزل من القرآن أو آخره فهي خاتمة رائعة بعيدة المدى والمغزى لكتاب الله المجيد الذي أنزله الله تعالى على رسوله العظيم صلى الله عليه وسلم.

ومع أن كمال هذه الصفات الكريمة مما يمكن أن يكون مختصا بمن علم الله أنه أهل لرسالته العظمى فإن في الآية تلقينا لما يجب أن يكون عليه أولياء أمور المسلمين من صفات وأخلاق وحثا على الاقتداء بها ما داموا قد تولوا زمام هذه الأمور وقاموا مقام النبي صلى الله عليه وسلم فيها كما أن من شأنها أن تكون مقياسا لأهلية وصلاح وإخلاص أولياء أمور المسلمين ودعاتهم وقادتهم ودليلا عليها.

هذا، ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية الثانية حديثا عن أبي الدرداء رواه أبو داود أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمّه» «١» . والصيغة بمثابة دعاء والتماس من الله عزّ وجلّ. وقد قال الله ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. وفيها على كلّ حال بعث لطمأنينة النفس وسكونها.

ولقد وقف المفسرون عند جملة مِنْ أَنْفُسِكُمْ وأوردوا بعض الأحاديث والروايات في صدد شمول الصلات الرحمية والقبلية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومختلف قبائل العرب أو بطون قريش. وما ينطوي في ذلك من شدة الباعث على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية قومه. ولقد كتبنا تعليقا على هذا في سياق الآية [١١٣] من سورة النحل وأوردنا طائفة مما روي من أحاديث وروايات فنكتفي بهذا التنبيه.


(١) التاج ج ٥ ص ٩٨ و ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>