جاء فيه «لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيت إليّ نفسي كأني مقبوض في تلك السنة» . وروى الطبري والبغوي أحاديث بطرق مختلفة عن ابن عباس بالمعنى نفسه بدون عزو إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وروى الطبري عن الضحاك قوله كانت هذه السورة آية لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروي مثل هذا عن مجاهد وعطاء أيضا. وقد ذكر الزمخشري أنها آخر السور نزولا وأنها نزلت في حجة الوداع في منى وذكر النيسابوري- مع ذكره القول إنها مكيّة- أنها نزلت في أواسط أيام التشريق «١» في منى في حجة الوداع وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعدها إلّا سبعين يوما وأن السورة تسمى لذلك سورة التوديع وأن أكثر الصحابة متفقون على أنها دلت على نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى ابن كثير حديثا عن ابن عمر أخرجه البزار والبيهقي أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق فعرف أنه الوداع فأمر براحلته وخطب خطبته الشهيرة بخطبة الوداع.
ولقد روى الطبري بطرقه عن عائشة قالت:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر قبل أن يموت من قوله سبحانك اللهمّ وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك. فقلت يا رسول الله ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها قال قد جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة» وعن أم سلمة قالت: «كان رسول الله في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال سبحان الله وبحمده فقلت يا رسول الله إنك تكثر من سبحان الله وبحمده. لا تذهب ولا تجيء ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت سبحان الله وبحمده قال: إني أمرت بها فقال إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة» والحديثان يؤيدان إذا صحّا كون السورة نزلت بين يدي موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عما انطوى فيهما من صورة رائعة لعمق شعوره بواجبه نحو الله تسبيحا وحمدا واستغفارا.
وبناء على ذلك كلّه رجحنا ترتيب المصحف الذي اعتمدناه وجعلنا ترتيب هذه السورة بعد سورة التوبة وآخر السور المدنيّة.