وجود جذر عربي فصيح للكلمة لا يبرر إبعادها عن الأصالة العربية الفصحى. على أن هذا لا يمنع القول باحتمال وحدة جذر الكلمة في العربية والعبرية أيضا لأنهما شقيقتان ترجعان إلى أصل واحد.
ومهما يكن من أمر فإن من الحق أن يقال إن الكلمة بقالبها الذي وردت به في القرآن قد استعملها العرب قبل نزولها وكانوا يفهمون كل الدلالات التي تدل عليها الآيات المتنوعة التي وردت فيها، وإنها تعد من اللسان العربي المبين ما دام القرآن يقرر أنه نزل بهذا اللسان. وهي هنا على كل حال تعني جبابرة الجن الذين كانوا يتنزلون على الشعراء والكهان والسحرة على ما كان يعتقده العرب. ونعت الشيطان بالرجيم يدل على أنه كان للشيطان في أذهان سامعي القرآن صورة بغيضة.
وفي سورة الصافات هذه الآية من آيات فيها وصف لشجرة الزقوم الأخروية:
طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥) حيث ينطوي في هذا أنه كان للشياطين في أذهانهم صورة مخيفة أيضا.
وأسلوب مطلع السورة مما تكرر في مطالع عديدة أخرى بحيث يسوغ أن يقال إنه أسلوب من أساليب النظم القرآني في مطالع السور.
ولقد علقنا على فقرة تشبه الآية الأخيرة في صدد إناطة مشيئة الناس بمشيئة الله في سياق تفسير سورة المدثر. وما قلناه هناك يصح هنا بتمامه فنكتفي بالإشارة دون الإعادة.